لم تلد فى شبابها وشبابى فكيف وهى عجوز الآن وَقَدْ بَلَغْتُ انا مِنَ الْكِبَرِ من أجل كبر السن عِتِيًّا يبوسة وجفافا كالعود اليابس من قولهم عتا العود إذا يبس وعتا الشيخ إذا كبر وهرم وولى ويقال لكل شىء انتهى قد عتا وانما استعجب الولد من شيخ فان وعجوز عاقر اعترافا بان المؤثر فيه كمال قدرته وان الوسائط عند التحقيق ملغاة فانى استعجاب واستبعاد من حيث العبادة لا من حيث القدرة قال الامام فان قيل لم تعجب زكريا بقوله أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ مع انه طلبه قلنا تعجب من ان يجعلهما شابين ثم يرزقها الولد او يتركهما شيخين ويلدان مع الشيخوخة يدل عليه قوله تعالى رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ اى أعدنا له قوة الولادة انتهى وفى الاسئلة المقحمة أراد من التي يكون منه هذا الولد أمن هذه المرة وهى عاقر أم من امرأة اخرى أتزوج بها او مملوكة قالَ الملك المبلغ للبشارة كَذلِكَ اى الأمر كما قلت. وبالفارسية [همچنين است كه تو كفتى از پيرى وضعف اما] قالَ رَبُّكَ هُوَ [اين كار كه آفريدن فرزند است درين سن ازين دو شخص] مع بعده فى نفسه عَلَيَّ [بر قدت من خاصة] هَيِّنٌ [آسانست] أرد عليك قوتك حتى تقوى على الجماع وافتق رحم امرأتك بالولد كما فى تفسير الجلالين والكاشفى وقال فى الإرشاد الكاف فى كذلك مقحمة كما فى مثلك لا يبخل فمحلها النصب على انه مصدر تشبيهى لقال الثاني وذلك اشارة الى مصدره الذي هو عبارة عن الوعد السابق لا الى قول آخر شبه هذا به وقوله هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ جملة مقررة للوعد المذكور دالة على إنجازه داخلة فى حيز قال الاول كأنه قيل قال الله مثل ذلك القول البديع قلت اى مثل ذلك الوعد الخارق للعادة وعدت هو علىّ خاصة هين وان كان فى العادة مستحيلا ويجوز ان يكون محل الكاف فى كذلك الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف وذلك اشارة الى ما تقدم من وعد تعالى اى قال عز وعلا امر كما وعدت وهو واقع لا محالة وقوله قالَ رَبُّكَ استئناف مقرر لمضمونه وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ من قبل يحيى فى تضاعيف خلق آدم وَلَمْ تَكُ إذ ذاك شَيْئاً أصلا بل عدما صرفا فخلق يحيى من البشرين أهون من خلقك مفردا والمراد خلق آدم لانه أنموذج مشتمل على جميع الذرية قال الامام وجه الاستدلال بقوله تعالى وَقَدْ خَلَقْتُكَ إلخ ان خلقه من العدم الصرف خلق للذات والصفات وخلق الولد من شيخين لا يحتاج الا الى تبديل الصفات والقادر على خلق للذات والصفات اولى ان يقدر على تبديل الصفات انتهى قال فى بحر العلوم ولفظ الشيء عندنا يختص بالموجود وبالعكس ونفى كون الشيء تقرير لعدمه فالآية دليل على ان المعدوم ليس بشئ قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً الجعل ابداعى وقيل بمعنى التصيير اى علامة على وقوع الحبل لا تلقى تلك النعمة الجليلة بالشكر من حين حدوثها وهذا السؤال ينبغى ان يكون بعد ما مضى بعد البشارة برهة من الزمان لما روى ان يحيى كان اكبر من عيسى بستة أشهر او بثلاث سنين ولا ريب فى ان دعا زكرياء كان فى صغر مريم لقوله تعالى هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ وهى انما ولدت عيسى وهى بنت عشر سنين او ثلاث عشرة سنة كذا فى الإرشاد والاسئلة المقحمة قالَ الله تعالى آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ اى ان لا تقدر على ان تكلمهم بكلام الناس