للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفل وآخر كل قدرة هو العجز فلا بد من تدارك الأمر بالتوبة والاستغفار قبل نزول ما نزل بالقوم الأشرار قال بعض الصالحين خرجت الى السوق ومعى جارية حبشية فاجلستها فى مكان وقلت لها لا تبرحي حتى أعود إليك فذهبت ثم عدت الى المكان فلم أجدها فيه فانصرفت الى منزلى وانا شديد الغضب عليها فجاءتنى وقالت لى يا مولاى لا تعجل علىّ فانك أجلستني بين قوم لا يذكرون الله تعالى فخشيت ان ينزل بهم خسف وانا معهم فقلت ان هذه امة قد رفع عنها الخسف إكراما لنبيها محمد صلى الله عليه وسلم فقالت ان رفع عنها خسف المكان فما رفع عنها خسف القلوب يا من خسف بمعرفته وقلبه وهو فى غفلته من بلائه وكربه بادر الى حميتك ودوائك قبل موتك وفنائك وعن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والناس حوله (ايها الناس استحيوا من الله حق الحياء) فقال رجل يا رسول الله انا نستحيى من الله فقال (من كان منكم مستحييا فلا يبيتن ليلة الا واجله بين عينيه وليحفظ البطن وما وعى والرأس وما حوى وليذكر الموت والبلى وليترك زينة الدنيا) قال الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام ولو أشاء ان ازينكما بزينة علم فرعون حين يراها ان مقدرته تعجز عنها لفعلت ولكنى از وى عنكما وكذلك افعل باوليائى وليس ذلك لهو انهم علىّ ولكن ليستكملوا حظهم من كرامتى

مگو جاهى از سلطنت بيش نيست ... كه ايمن تر از ملك درويش نيست

فقد تقرر حال اهل الدنيا وحال اهل الآخرة فالعاقل يعتبر ويتبصر الى ان يموت ويقبر وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ اى بعضهم على دين بعض فى الحق اى متفقون فى التوحيد وبعضهم معين بعض فى امر دينهم ودنياهم وبعضهم موصل بعض الى الدرجات العالية بسبب التربية وتزكية النفس وهم المرشدون فى طريق الله تعالى يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ اى جنس المعروف الشامل لكل خير ومنه الايمان والطاعة ويهيج بعضهم بعضا فى طلب الله وهو المعروف الحقيقي كما قال (فاحببت ان اعرف) وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ اى جنس المنكر المنتظم لكل شر ومنه الكفر والمعاصي التي تقطع العبد عن الله من الدنيا وغيرها وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ فلا يزالون يذكرون الله تعالى ويديمون مراقبة القلب وحضوره مع الله بحيث لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وهم ارباب المكاشفة واصحاب القلوب وهذا بمقابلة ما سبق من قوله نسوا الله وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ بمقابلة قوله تعالى وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ فهم يؤدون الزكاة الواجبة بل ينفقون ما فضل عن كفافهم الضروري ويطهرون أنفسهم عن محبة الدنيا بالإنفاق وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى فى كل امر ونهى وهو بمقابلة وصف المنافقين بكمال الفسق والخروج عن الطاعة قال فى التأويلات النجمية يشير الى الإخلاص فى معاملتهم فان المنافقين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ولكن لا يطيعون الله ورسوله فى ذلك وانما يطيعون النفس والهوى رعاية لمصالح دنياهم أُولئِكَ الموصوف بهذه الأوصاف الكريمة سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ اى يفيض عليهم آثار رحمته من التأييد والنصرة البتة وينجيهم من العذاب الأليم سواء كان عذاب النار او عذاب البعد من الملك الجبار بالادخال الى الجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>