الإنسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضر شيأ والعاقل لا يستعيذ مما لا يؤذيه واما الرسول عليه السلام فلانه لما قيل له ولا أنت يا رسول الله قال (ولا انا ولكن الله تعالى أعانني عليه حتى اسلم فلا يأمرنى الا بخير) فاذا كان قرينه عليه السلام قد اسلم فلا يستعيذ منه فالاستعاذة حينئذ من غيره وغيره يتعين ان يكون إبليس او أكابر جنوده لانه قد ورد فى الحديث (ان عرش إبليس على البحر الأخضر وجنوده حوله وأقربهم اليه أشدهم بأسا ويسأل كلا منهم عن عمله واغوائه ولا يمشى هو الا فى الأمور العظام) والظاهر ان امر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهم المهمات عنده فلا يؤثر به غيره من ذريته يقول الفقير انما يستعيذ عليه السلام من الشيطان امتثالا للامر الإلهي لا غير إذ لا تسلط له على افراد أمته المخلصين بالفتح فضلا عن التسلط عليه وهو آيس من وسوسته صلى الله عليه وسلم لانه يحترق من نوره عليه السلام فلا يقرب منه واما قوله تعالى وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ففرض وتقدير وتشريع وكذا قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ لا يدل على وقوع المس فى حق كل متق بل يكفى وجوده فى حق بعض افراد الامة فى الجملة ولئن سلم كما يدل عليه قوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ اى إذا قرأ وناجى القى الوسوسة فى قراءته ومناجاته فهو يعلم انه عليه السلام لا يعمل بمقتضى وسوسته لانه نفسه اخرج المخلصين بالفتح من ان يتعرض لهم إغواء او يؤثر فيهم وسوسة ولا مانع من الاستعاذة من كل شيطان سواء كان مؤذيا أم لا إذ عداوته القديمة لبنى آدم مصححة لها ومن نصب نفسه للعداوة فاولاده تابعة له فى ذلك وقد ذكروا ان لوسوسته اليوم فى قلوب جميع اهل الدنيا حالة واحدة وهو كقبض عزرائيل عليه السلام الأرواح من بنى آدم وهى فى مواضع مختلفة وهو فى مكان واحد إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ محله النصب على انه استثناء متصل لان المسترق من جنس الشيطان الرجيم اى ان فسر الحفظ بمنع الشياطين عن التعرض لها على الإطلاق والوقوف على ما فيها فى الجملة او منقطع اى ولكن من استرق السمع ان فسر ذلك بالمنع عن دخولها او التصرف فيها والاستراق افتعال وبالفارسية [بدزديدن] والمسترق المستمع مختفيا كما فى القاموس والسمع بمعنى المسموع كما قال الكاشفى [بدزدد سخنى مسموع] واستراق السمع اختلاسه سرا شبه به خطفتهم اليسيرة من قطاع السموات لما بينهم من المناسبة فى الجوهر فَأَتْبَعَهُ اى تبعه ولحقه وبالفارسية [پس از پى در آيدش وبدو رسد وبسوزدش] قال ابن الكمال الفرق قائم بين تبعه واتبعه يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه شِهابٌ لهب محرق وهى شعلة نار ساطعة مُبِينٌ ظاهر امره للمبصرين ومما يجب التنبه له ان هذا حكاية فعل قبل النبي صلى الله عليه وسلم وان الشياطين كانت تسترق فى بعض الأحوال قبل ان يبعثه الله فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر الرجم وزاد زيادة ظاهرة حتى تنبه لها الانس والجن ومنع الاستراق رأسا وبالكلية
مهى بر آمد وبازار تيرگى بشكست ... گلى شكفت وهياهوى خار آخر شد