اى اى شىء جعلك داريا وعالما ما هو وما كنهه إذ لم تر مثله وكذا لم ير أحد قبلك شدته حتى تسمع منه (قال الكاشفى) و چهـ چيز دانا كرد ترا كه چيست روز فصل چهـ كنه او را نتوان دانست. فوضع موضع الضمير ليوم الفصل لزيادة تفظيع وتهويل على ان ما خبر ويوم الفصل مبتدأ لا بالعكس كما اختاره سيبويه لان محط الفائدة بيان كون يوم الفصل أمرا بديعا هائلا لا يقادر قدره ولا يكتنه كنهه كما يفيده خبرية ما لا بيان كون امر بديع من الأمور يوم الفصل كما يفيده عكسه وَيْلٌ واى يَوْمَئِذٍ اى فى ذلك اليوم الهائل لِلْمُكَذِّبِينَ بيوم يفصل فيه الرحمن بين الخلائق اى الويل والهلاك ثابت فيه لهم والويل فى الأصل مصدر منصوب ساد مسد فعل لا من لفظه فأصله أهلكه الله إهلاكا او هلك هو هلا كاعدل به الى الرفع للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ويومئذ ظرفه او صفته ووضع الويل موضع الإهلاك او الهلاك فجاز وقوعه مبتدأ مع كونه نكرة فانه لما كان مصدرا سادا مسد فعله المتخصص بصدوره عن فاعل معين كانت النكرة المذكورة متخصصة بذلك الفاعل فساغ الابتداء بها لذلك كما قالوا فى سلام عليك وقال بعضهم الويل واد في جهنم لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حره اى ذابت وقال الجنيد قدس سره الويل يومئذ لمن كان يدعى فى الدنيا الدعاوى الباطلة أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ممن هلكوا قبل بعثة سيد المرسلين عليه السلام وذلك لتكذيبهم بيوم الفصل وهو استئناف انكار لعدم الإهلاك اثباتا وتقريرا له لان نفى النفي يثبت الإثبات ويحقق الإهلاك فكأنه قيل لم يكن عدم الإهلاك بل قد أهلكناهم ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ وهم الذين كانوا بعد بعثته عليه السلام وهو بالرفع على ثم نحن نتبعهم الآخرين من نظرائهم السالكين لمسلكهم فى الكفر والتكذيب اى نجعلهم نابعين للاولين فى الإهلاك فليس الكلام معطوفا على ما قبله لان العطف يوجب ان يكون المعنى أهلكنا الأولين ثم اتبعناهم الآخرين فى الإهلاك وليس كذلك لان إهلاك الا آخرين لم يقع بعد فلذلك رفع نتبع على ان يكون مقطوعا عما قبله ويستأنف به الكلام على وجه الاخبار عما سيقع فى المستقبل بإضمار المبتدأ وفيه وعيد لكفار مكة كَذلِكَ اى فعلا مثل ذلك الفعل الذي اخبر به فمحل الكاف النصب على انه نعت لمصدر محذوف نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ بكل من أجرم اى سنتنا جارية على ذلك وفيه تحذير من عاقية الجرم وسوء اثره وَيْلٌ مكروهى بزرك يَوْمَئِذٍ يوم إذا هلكناهم لِلْمُكَذِّبِينَ بآيات الله وأنبيائه وليس فيه تكرير لما ان الويل الاول لعذاب الآخرة وهذا لعذاب الدنيا وفى برهان القرآن كررها فى هذه السورة عشر مرات لان كل واحدة منها ذكرت عقيب آية غير الاولى فلا يكون تكرارا مستهجنا ولو لم يكرر كان متوعدا على بعض دون بعض وقيل ان من عادة العرب التكرار والاطناب كما ان عادتهم الاقتصار والإيجاز ولان بسط الكلام فى الترغيب والترهيب ادعى الى ادراك البغية من الإيجاز وقد يجد كل أحد فى نفسه من تأثير التكرار ما لا خفاء به أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ اى ألم نحدثكم واتفق القراء على ادغام القاف فى لكاف فى هذا الحرف وذكر النقاش انه فى قراءة ابن كثير