ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لانه علو بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر علو بالاضافة الى الوجود لا بطريق الوجوب بل يقارنه إمكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذي له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذي يقارنه إمكان نقيضه: وفى المثنوى
دست بر بالاى دست اين تا كجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى
كان يكى درياست بي غور وكران ... جمله درياها چوسيلى پيش آن «١»
حيلها و چارها كر اژدهاست ... پيش الا الله انها جمله لاست
فعلى العامة ان لا يلتفتوا الى العلو الإضافي الحاصل من بعض الرياسات كالقضاء والتدريس والامامة والامارة ونحوها وعلى الخاصة ان لا ينظروا الى العلو الاعتباري الحاصل من بعض المقامات كالافعال والصفات فان الكمال الحقيقي هو الترقي من كل اضافة فانية وعلاقة زائلة والتجرد من ملابس كل كون حادث صورة ومعنى ألا ترى الى حال اصحاب الصفة رضى الله عنهم نسأل الله تعالى ان لا يجعلنا من المفتخرين بغيره أُولئِكَ اشارة الى المذكورين فى هذه السورة من زكريا الى إدريس وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بانواع النعم الدينية والدنيوية واصناف المواهب الصورية والمعنوية وقد أشير الى بعض ما يخص كلامنهم مِنَ النَّبِيِّينَ بيان للموصول ونظيره فى سورة الفتح (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً) مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بدل منه باعادة الجار يقال ذرأ الشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين كما فى القاموس وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ اى ومن ذرية من حملنا معه فى سفينته خصوصا وهم من عدا إدريس فان ابراهيم كان من ذرية سام بن نوح وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وهم الباقون وَإِسْرائِيلَ عطف على ابراهيم اى ومن ذرية إسرائيل اى يعقوب وكان منهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وفيه دليل على ان أولاد البنات من الذرية لان عيسى من مريم وهى من نسل يعقوب وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا اى ومن جملة من هديناهم الى الحق واصطفيناهم للنبوة والكرامة قالوا من فيه للتبيين ان عطف على من النبيين وللتبعيض ان عطف على ومن ذرية آدم إِذا تُتْلى تقرأ عَلَيْهِمْ على هؤلاء الأنبياء آياتُ الرَّحْمنِ اى آيات الترغيب والترهيب فى كتبهم المنزلة خَرُّوا سقطوا على الأرض حال كونهم سُجَّداً ساجدين جمع ساجد وَبُكِيًّا باكين جمع باك وأصله بكويا والمعنى ان الأنبياء قبلكم مع ما لهم من علو الرتبة فى شرف النسب وكمال النفس والزلفى من الله تعالى كانوا يسجدون ويبكون لسماع آيات الله فكونوا مثلهم وفى الحديث (اتلوا القرآن وابكوا فان لم تبكوا فتباكوا) يقال تباكى فلان إذا تكلف البكاء اى ان لم تبك أعينكم فلتبك قلوبكم يعنى تحزنوا عند سماع القرآن فان القرآن نزل بحزن على المحزونين قال الكاشفي [كلام دوست مهيج شوقست چون آتش شوق بر كانون دل بر افروخته كردد از ديده
(١) در أوائل دفتر سوم در بيان بار وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ