الشبهات على بطلان ما جاء به الأنبياء من الشرائع والتوحيد وسموها الحكمة وسموا أنفسهم الحكماء فالآن بعض المتعلمين من الفقهاء اما لوفور حرصهم على العلم والحكمة واما لخباثة الجوهر ليتخلصوا من تكاليف الشرع يطالعون تلك الكتب ويتعلمونها وبتلك الشبهات التي دونوا بها كتبهم يهلكون فى اودية الشكوك ويقعون فى الكفر وهذه الآفة وقعت فى الإسلام من المتقدمين والمتأخرين منهم وكم من مؤمن عالم قد فسدت عقدتهم بهذه الآفة واخرجوا ربقة الإسلام من عنقهم فصاروا من جملتهم ودخلوا فى زمرتهم ولعل هذه الآفة تبقى فى هذه الامة الى قيام الساعة فان فى كل يوم يزداد تقل طلبة علوم الدين من التفسير والحديث والمذهب وتكثر طلبة علوم الفلسفة والزندقة ويسمونها الأصول والكلام
علم دين فقهست وتفسير وحديث ... هر كه خواند غير از ين كردد خبيث «١»
وقد قال الشافعي رحمه الله من تكلم تزندق ثم وبال هذه جملة الى قيام الساعة يكتب فى ديوان من سن هذه السنة السيئة ومن أوزار من عمل بها من غير ان ينقص من أوزارهم شىء على ان كذبوا بالقرآن وسموا الأنبياء عليهم السلام اصحاب النواميس وسموا الشرائع الناموس الأكبر عليهم لعنات الله تترى كذا فى تأويلات حضرة الشيخ نجم الدين قدس سره اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ يخلقهم اولا فى الدنيا وهو الإنسان المخلوق من النطفة ثُمَّ يُعِيدُهُ بعد الموت احياء كما كانوا اى يحييهم فى الآخرة ويبعثهم وتذكير الضمير باعتبار لفظ الخلق ثُمَّ إِلَيْهِ اى الى موقف حسابه تعالى وجزائه تُرْجَعُونَ تردون لا الى غيره والالتفات للمبالغة فى الترهيب. وقرئ بياء الغيبة والجمع باعتبار معنى الخلق وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ التي هى وقت إعادة الخلق ورجعهم اليه للجزاء. والساعة جزء من اجزاء الزمان عبر بها عن القيامة تشبيها لها بذلك لسرعة حسابها كما قال (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) او لما نبه عليه قوله (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ يسكنون سكوت من انقطع عن الحجة متحيرين آيسين من الاهتداء الى الحجة او من كل خير قال الراغب الإبلاس الحزن المعترض من شدة اليأس ومنه اشتق إبليس ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعينه. قيل ابلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ أوثانهم التي عبدوها رجاء الشفاعة شُفَعاءُ يجيرونهم من عذاب الله ومجيئه بلفظ الماضي لتحققه فى علم الله وصيغة الجمع لوقوعها فى مقابلة الجمع اى لم يكن لكل واحد منهم شفيع أصلا وكتب فى المصحف شفعواء بواو قبل الالف كما كتب علمواء بنى إسرائيل فى الشعراء والسواى بالألف قبل الياء اثباتا للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ يكفرون بآلهتهم حيث يئسوا منهم. يعنى [چون از مطلوب نااميد كردند از ايشان بيزار شوند] وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أعيد لتهويله وتفظيع ما يقع فيه يَوْمَئِذٍ [آن هنكام] يَتَفَرَّقُونَ تهويل له اثر تهويل وفيه رمز الى ان التفرق يقع فى بعض منه وضمير يتفرقون لجميع الخلق المدلول عليهم بما تقدم من بدئهم واعادتهم