للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاستحلال ورد المظالم. واما التي هى من ترك الواجبات من صلاة وصيام وزكاة فتقضى ما أمكن منها. واما التي بينك وبين الله كشرب الخمر وضرب المزامير وأكل الربا فتندم على ما مضى منها وتوطن قلبك على ترك العود الى مثلها ابدا فاذا أرضيت الخصوم بما أمكن وقضيت الفوائت بما تقدر عليه وبرأت قلبك من الذنوب فينبغى ان ترجع اليه بحسن الابتهال والضراعة ليكفيك ذلك بفضله فتذهب فتغتسل وتغسل ثيابك فتصلى ركعتين كما فى الحديث الصحيح (ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقول فيصلى ركعتين ثم يستغفر الله الا غفر له) وفى حديث آخر (أيما عبد او امة ترك صلاته فى جهالته فتاب وندم على تركها فليصل يوم الجمعة بين الظهر والعصر اثنتي عشرة ركعة يقرأ فى كل منها الفاتحة وآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين مرة لا يحاسبه الله تعالى يوم القيامة ووجد صحيفة سيآته حسنات) ذكره فى مختصر الاحياء يقول الفقير جامع هذه الفوائد ان هذا الحديث على تقدير صحته لا ينفهم منه ان هذه الصلاة تكون قضاء لجميع ما فات منه وتقوم بدله كيف وقد ذكر فى اوله التوبة والندامة ومن مقتضاها قضاء ما سلف كمامر آنفا فمعنى ان الله تعالى لا يحاسبه يوم القيامة لا يقول له لم أخرت الصلاة التي فرضت عليك عن أوقاتها وذلك ببركة هذه الصلاة الشريفة التي هى تأكيد لتوبته وزيادة فى اعتذاره وقد عرف فى الشرع ان العبد كما يحاسب على ترك الصلوات كذلك يحاسب على تأخيرها عن أوقاتها وبهذا البيان انحل ما أشكل على بعض من مواظبة الناس على قضاء صلوات يوم وليلة فى آخر جمعة من شهر رمضان بين الظهر والعصر فان ما يصلونه هى الصلاة المذكورة عند الحقيقة لكنهم يغلطون فى زعمهم وفى الكيفية والله اعلم وفى كتاب الترغيب والترهيب انه جاء رجل الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال وا ذنوباه وا ذنوباه مرتين او ثلاثا فقال له عليه السلام (قل اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبى ورحمتك أرجى عندى من عملى) فقالها ثم قال (عد) فعاد ثم قال (عد) فعاد ثم قال (قم فقد غفر الله لك) ومن استغفر للمؤمنين كل يوم كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة وما الميت فى قبره الا كالغريق المنتظر ينتظر دعوة تلحقه من اب او أم او أخ صديق فاذا ألحقته كانت أحب اليه من الدنيا وما فيها وان الله تعالى ليدخل على اهل القبور من دعاء اهل الأرض أمثال الجبال وان هدية الاحياء الى الأموات الاستغفار لهم ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب فانك مرجع كل تواب وأواب قُلْ إِنِّي نُهِيتُ كان كفار قريش يدعونه عليه السلام الى دين آبائه فنزلت اى صرفت وزجرت بما نصب لى من الادلة وانزل علىّ من الآيات فى امر التوحيد أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ اى عن عبادة ما تعبدونه مِنْ دُونِ اللَّهِ كائنا ما كان قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ اشارة الى الموجب للنهى كأنهم قالوا لم نهيت عما نحن فيه ولم تمتنع عن متابعتنا أجاب بان ما أنتم عليه هوى وليس بهدى فكيف اتبع الهوى واترك الهدى قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً اى ان اتبعت أهواءكم فقد ضللت اى تركت سبيل الحق وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ من الذين سلكوا طريق الهدى عطف على ما قبله قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ كائنة مِنْ رَبِّي والبينة الحجة الواضحة التي تفصل بين الحق والباطل يقال انا على بينة من هذا الأمر وانا على يقين منه إذا كان ثابتا عندك بحجة واضحة وشاهد صدق والمراد بها

<<  <  ج: ص:  >  >>