الى العلويات ومن العلويات الى حضرة العلى الكبير إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وهو انقضاء مقامات السلوك وابتداء درجات الوصول وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ ذى صدق واجتهاد فى الطلب فَضْلَهُ فى درجات الوصول فان المشاهدات بقدر المجاهدات وَإِنْ تَوَلَّوْا تعرضوا عن الطلب والسير الى الله فَإِنِّي قل فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ عذاب يوم الانقطاع عن الله الكبير فانه اكبر الكبائر وعذابه أعظم المصائب إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ طوعا او كرها فان كان بالطوع يتقرب إليكم بجذبات العنايات كما قال (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) وان كان بالكره تسحبون فى النار على وجوهكم وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من اللطف والقهر قَدِيرٌ أَلا اى تنبهوا ايها المؤمنون إِنَّهُمْ اى مشركى مكة يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ من ثنى يثنى اى عطف وصرف. والمعنى يعطفون صدورهم على ما فيها من الكفر والاعراض عن الحق وعداوة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بحيث يكون ذلك مخفيا مستورا فيها كما تعطف الثياب على ما فيها من الأشياء المستورة لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ الاستخفاء الاستتار الى ليختفوا ويستتروا من الله تعالى لجهلهم بما لا يجوز على الله تعالى- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انها نزلت فى اخنس بن شريق الزهري وكان رجلا حلو المنطق حسن السياق للحديث يظهر لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المحبة ويضمر فى قلبه ما يضادها وقال ابن شداد انها نزلت فى بعض المنافقين كان إذا مر برسول الله ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كيلا براه النبي عليه السلام فكأنه انما كان يصنع ما يصنع لانه لو راه النبي عليه السلام لم يمكنه التخلف عن حضور مجلسه والمصاحبة معه وربما يؤدى ذلك الى ظهور ما فى قلبه من الكفر والنفاق فان قلت الآية مكية والنفاق حدث بالمدينة قلت لك ان تمنع ذلك بل ظهوره انما كان فيها ولو سلم فليكن هذا من باب الاخبار عن الغيب وهو من جملة المعجزات أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ اى يتغطون بها للاستخفاء على ما نقل عن ابن شداد وحين يأوون الى فراشهم ويتدثرون ثيابهم وكان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخى ستره ويحنى ظهره ويتغشى ثوبه ويقول هل يعلم الله ما فى قلبى قال فى الكواشي حين توقيت للتغطى لا للعلم انتهى اى لئلا يلزم تقييد علمه تعالى بسرهم وعلنهم بهذا الوقت الخاص وهو تعالى عالم بذلك فى كل وقت. والجواب انه تعالى إذا علم سرهم وعلنهم فى وقت التغشية الذي يخفى فيه السر فاولى ان يعلم ذلك فى غيره وهذا بحسب العادة والا فالله تعالى لا يتفاوت علمه بتفاوت احوال الخلق يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ اى يضمرون فى قلوبهم وَما يُعْلِنُونَ بأفواههم وما مصدرية اى أسرارهم واعلانهم او بمعنى الذي والعائد محذوف وقدم السر على العلن لان مرتبة السر متقدمة على مرتبة العلن إذ ما من شىء يعلن الا وهو او مباديه قبل ذلك مضمر فى القلب فتعلق علمه سبحانه بحالته الاولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية إِنَّهُ اى الله تعالى عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ مبالغ فى الإحاطة بمضمرات جميع الناس وأسرارهم الخفية المستكنة فى صدورهم بحيث لا تفارقها أصلا فكيف يخفى عليه ما يسرون وما يعلنون