انا نوح نبى رب العالمين وقلت للآخر من أنت قال انا ابراهيم خليل رب العالمين ثم انتبهت قالوا ان صدقت رؤياك ليخرجن من ظهرك نبى يؤمن به اهل السموات واهل الأرض ودلت السلسلة على كثرة اتباعه وأنصاره لتداخل حلق السلسلة ورجوعها شجرة يدل على ثبات امره وعلو ذكره وسيهلك من لم يؤمن به كما هلك قوم نوح وستظهر به ملة ابراهيم والى هذا وقعت اشارة النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين قال
انا النبي لا كذب ... انا ابن عبد المطلب
كانه يقول انا ابن صاحب تلك الرؤيا مفتخرا بها لما فيها من علم نبوته وعلو كلمته انتهى- روى- انه عليه السلام كان يحمل على الكفار فيفرون ثم يحملون عليه فيقف لهم فعل ذلك بضع عشرة مرة قال العباس كنت اكف البغلة لئلا تسرع به نحو المشركين وناهيك بهذا شهادة على تناهى شجاعته حيث لم يخف اسمه فى تلك الحال ولم يخف الكفار على نفسه وما ذلك الا لكونه مؤيدا من عند الله العزيز الحكيم فعند ذلك قال (يا رب ائتنى بما وعدتني) وقال للعباس وكان صيتا جمهورىّ الصوت (صح بالناس) يروى من شدة صوته انه أغير يوما على مكة فنادى وا صباحاه فاسقطت كل حامل سمعت صوته وكان صوته يسمع من ثمانية أميال فنادى الأنصار فخذا فخذا ثم نادى يا اصحاب الشجرة وهم اهل بيعة الرضوان يا اصحاب سورة البقرة وهم المذكورون فى قوله آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ وكانوا يحفظون سورة البقرة ويقولون من حفظ سورة البقرة وآل عمران فقد جد فينا فكروا عنقا واحدا اى جماعة واحدة يعنى دفعة وهم يقولون لبيك لبيك وذلك قوله تعالى ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ اى رحمته التي تسكن بسببها القلوب وتطمئن إليها اطمئنانا كليا مستتبعا للنصر القريب واما مطلق السكينة فقد كانت حاصلة له عليه السلام قبل ذلك ايضا وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ شامل للمنهزمين وغيرهم فعاد المنهزمون وظفروا وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها اى بأبصاركم كما يرى بعضكم بعضا وهم الملائكة عليهم البياض على خيول بلق وكان يراهم الكفار دون المؤمنين فنظر النبي عليه السلام الى قتال المشركين فقال (هذا حين حمى الوطيس) والوطيس حجارة توقد العرب تحتها النار يشوون عليها اللحم وهو فى الأصل التنور وهذه من الكلمات التي لم تسمع إلا منه صلى الله عليه وسلم. وحمى الوطيس كناية عن شدة الحرب ثم نزل عن بغلته وقيل لم ينزل بل قال (يا عباس ناولنى من الحصباء) او انخفضت بغلته حتى كادت بطنها تمس الأرض ثم قبض قبضة من تراب فرمى به نحو المشركين وقال (شاهت الوجوه) فلم يبق منهم أحد الا امتلأت به عيناه ثم قال عليه السلام (انهزموا ورب الكعبة) وهو أعظم من انقلاب العصا حية لان ابتلاعها لحبالهم وعصيهم لم يقهر الغدو ولم يشتت شمله بل زاد بعدها طغيانه وعتوه على موسى بخلاف هذا الحصى فانه أهلك العدو وشتت شمله وكان من دعائه عليه السلام يومئذ (اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان) فقال له جبريل عليه السلام لقد لقنت الكلمات التي لقنها الله موسى يوم فلق البحر. واختلفوا فى عدد الملائكة يومئذ فقيل خمسة آلاف وقيل ثمانية آلاف وقيل ستة عشر الفا. وفى قتالهم ايضا فقيل قاتلوا وقيل لم يقاتلوا الا يوم بدر وانما كان نزولهم لتقوية قلوب المؤمنين بإلقاء الخواطر الحسنة وتأييدهم