للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وخصص ربك بالتكبير وهو وصفه تعالى بالكبرياء اعتقادا وقولا وعظمة عما يقول فيه عبدة الأوثان وسائر الظالمين ويروى انه لما نزل قال رسول الله عليه السلام الله اكبر فكبرت خديجة ايضا وفرحت وأيقنت انه الوحى لان الشيطان لا يأمر بالتكبير ونحوه ودخل فيه تكبير الصلاة وان لم يكن فى أوائل النبوة صلاة وذلك لان الصلاة عبارة عن أوضاع وهيئات كلها تعطى التقييد والله منزه عن جميع التعينات فلزم التكبير فيها لان وجه الله يحاذى وجه العبد حينئذ على ما ورد فى الخبر الصحيح والفاء لمعنى الشرط كأنه قيل ما كان اى اى شىء حدث فلا تدع تكبيره ووصفه بالكبرياء او للدلالة على ان المقصود الاول من الأمر بالقيام ان يكبر ربه وينزهه عن الشرك فان أول ما يجب معرفة الصانع ثم تنزيهه عما لا يليق بجنابه فالفاء على هذا تعقيبية لا جزائية. واعلم ان كبرياءه تعالى ذاتى له قائم بنفسه لا بغيره من المكبرين فهو اكبر من أن يكبره غيره بالتكبير الحادث ولذا قال عليه السلام ليلة المعراج لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فهو المكبر والمثنى لذاته بذاته بتكبير وثناء قديم من الأزل الى الأبد وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ جمع ثوب من اللباس اى فطهرها مما ليس بطاهر بحفظها وصيانتها عن النجاسات وغسلها بالماء الطاهر بعد تلطخها فانه قبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبيثا سوآء كان فى حال الصلاة او فى غيرها وبتقصيرها ايضا فان طولها يؤدى الى جر الذبول على القاذورات فيكون التطهير كناية عن التقصير لانه من لوازمه ومعنى التقصير أن تكون الى انصاف الساقين اولى الكعب فانه عليه السلام جعل غاية طول الإزار الى الى الكعب وتوعد على ما تحته بالنار. وحضرت مرتضى رضى الله عنه كفت كوتاه كن جامه را. فانه أتقى وأنقى وأبقى وهو أول ما أمر به عليه السلام من رفض العادات المذمومة فان المشركين ما كانوا يصونون ثيابهم عن النجاسات وفيه انتقال من تطهير الباطن الى تطهير الظاهر لان الغالب ان من نقى باطنه أبى الا اجتناب الخبث وإيثار الطهارة فى كل شىء فان الدين بنى على النظافة ولا يدخل الجنة الا نظيف والله يحب الناسك النظيف وفى الحديث غسل الإناء وطهارة الفناء يورثان الغنى وفى المرفوع نظفوا أفواهكم فانها طرق القرآن قال الراغب الطهارة ضربان طهارة جسم وطهارة نفس وقد حمل عليهما عامة الآيات وقوله وثيابك فطهر قيل معناه نفسك نزهما عن المعايب انتهى او طهر قلبك كما فى القاموس او اخلاقك فحسن قاله الحسن وفى الخبر حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار او عملك فأصلح كما فى الكواشي ومنه الحديث يحشر المرء فى ثوبيه اللذين مات فيهما اى عمليه الخبيث والطيب كما فى عين المعاني وانه ليبعث فى ثيابه اى اعماله كما فى القاموس او أهلك فطهرهم من الخطايا بالوعظ والتأديب والعرب تسمى الأهل ثوبا ولباسا قال تعالى هن لباس لكم وأنتم لباس لهن (كما فى كشف الاسرار) وقال ابن عباس لا تلبسها على معصية ولا على غدار البسها وأنت بر طاهر كما فى فتح الرحمن قال الشاعر

وانى بحمد الله لا ثوب فاحر ... لبست ولا من غدرة أتقنع

<<  <  ج: ص:  >  >>