فى بدر وَلكِنْ لم يشأ ذلك لِيَبْلُوَا تا بيازمايد بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ فامركم بالقتال وبلاكم بالكافرين لتجاهدوهم فتستوجبوا الثواب العظيم بموجب الوعد والكافرين بكم ليعاجلهم على ايديكم ببعض عذابهم كى يرتدع بعضهم عن الكفر وفى الآية اشارة الى كافر النفس حيثما وجدتموه وهو يمد رأسه الى مشرب من مشارب الدنيا ونعيمها فاضربوا عنق ذلك الرأس وادفعوه عن ذلك المشرب حتى إذا غلبتموهم اى النفوس وسخرتموهم فشدوهم بوثاق اركان الشريعة وآداب الطريقة فانه بهذين الجناحين يطير صاحب الهمم العلية الى عالم الحقيقة فاما منا على النفوس بعد الوصول بترك المجاهدة واما فداء بكثرة العبادة عوضا عن ترك المجاهدة بعد الظفر بالنفوس واما قتل النفوس بسيف المخالفة فانه فى مذهب ارباب الطلب يجوز كل ذلك بحسب نظر كل مجتهد فان كل مجتهد منهم مصيب وذلك الى ان يجد الطالب المطلوب ويصل العاشق الى المعشوق بأن جرى على النفس بعد الظفر بها مسامحة فى إغفاء ساعة وإفطار يوم ترويحا للنفس من الكد واجماعا للحواس قوة لها على الباطل فيما يستقبل من الأمر فذلك على ما يحصل به استصواب من شيخ المريد او فتوى لسان القوم او فراسة صاحب الوقت ولو شاء الله لقهر النفوس بتجلى صفات الجلال بغير سعى المجاهد فى القتال ولكن إلخ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى استشهدوا يوم بدر ويوم أحد وسائر الحروب فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ اى فلن يضيعها بل يثيب عليها سَيَهْدِيهِمْ فى الدنيا الى ارشد الأمور وفى الآخرة الى الثواب وعن الحسن بن زياد يهديهم الى طريق الثواب فى جواب منكر ونكير وفيه أن أهل الشهادة لا يسألون وَيُصْلِحُ بالَهُمْ اى شأنهم وحالهم بالعصمة والتوفيق والظاهر ان السين للتأكيد والمعنى يهديهم الله البتة الى مقاصدهم الاخروية ويصلح شانهم بإرضاء خصائهم لكرامتهم على الله بالجهاد والشهادة وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ الجملة مستأنفة اى عرفها لهم فى الدنيا بذكر أوصافها بحيث اشتاقوا إليها او بينها لهم بحيث يعلم كل أحد منزله ويهتدى اليه كأنه كان ساكنه منذ خلق وفى الحديث لأحدكم بمنزله فى الجنة أعرف منه بمنزله فى الدنيا وفى المفردات عرفه جعل له عرفا اى رائحة طيبة فالمعنى زينها لهم وطيبها وقال بعضهم حددها لهم وافرزها من عرف الدار فجنة كل منهم محددة مفرزة ومن فضائل الشهداء انه ليس أحد يدخل الجنة ويحب ان يخرج منها ولو اعطى ما فى الدنيا جميعا الا الشهيد فانه يتمنى ان يرده الله الى الدنيا مرارا فيقتل فى سبيل الله كما قتل اولا لما يرى من عظيم كرامة الشهداء على الله تعالى ومن فضائلهم ان الشهادة فى سبيل الله تكفر ما على العبد من الذنوب التي بينه وبين الله تعالى وفى الحديث يغفر للشهيد كل شىء الا الدين والمراد بالدين كل ما كان من حقوق الآدميين كالغصب وأخذ المال بالباطل وقتل العمد والجراحة وغير ذلك من التبعات وكذلك الغيبة والنميمة والسخرية وما أشبه ذلك فان هذه الحقوق كلها لا بد من استيفائها لمستحقها وقال القرطبي الدين الذي يحبس صاحبه عن الجنة هو الذي قد ترك له وفاء ولم يوص به او قدر على الأداء فلم يؤده او ادانه على سفه او سرف ومات ولم يوفه واما من ادان فى حق واجب كفاقة وعسر ومات ولم يترك وفاء فان الله