للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحدادي وكان الله تعالى قد علم قبل أمرهم بالقتال من لا يقاتل ممن يقاتل ولكنه يعلم ذلك غيبا وأراد العلم الذي يجازى عليه وهو علم المشاهدة لانه يجازيهم على علمهم لا على علمه فيهم انتهى وعدم التعرض لحال المقصرين لما ان ذلك بمعزل من الاندراج تحت ارادة أكرم الأكرمين وَلَمْ يَتَّخِذُوا عطف على جاهدوا داخل فى حيز الصلة اى ولما يعلم الله الذين لم يتخذوا مِنْ دُونِ اللَّهِ متعلق بالاتخاذ ان أبقى على حاله او مفعول ثان له ان جعل بمعنى التصيير وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً اى بطانة وصاحب سر وهو الذي تطلعه على ما فى ضميرك من الاسرار الخفية من الولوج وهو الدخول قال ابو عبيدة كل شىء أدخلته فى شىء وليس منه فهو وليجة تكون للواحد والاثنين والجمع بلفظ واحد وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ اى بجميع أعمالكم لا يخفى عليه شىء منها فيعلم غرضكم من الجهاد هل فيه اخلاص او هو مشوب بالعلل كاحراز الغنيمة او جلب الثناء او نحو ذلك: قال السعدي

منه آب زر جان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز

زر اندود كانرا بآتش برند ... پديد آيد آنكه كه مس يا زرند

وفى الآية حث على الجهاد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لرباط يوم فى سبيل الله محتسبا من غير شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم اجرا من عبادة مائة سنة صيامها وقيامها ورباط يوم فى سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم اجرا من عبادة الفى سنة صيامها وقيامها فان رده الله الى اهله سالما لم يكتب عليه سيئة الف سنة ويكتب له الحسنات ويجرى له اجر الرباط الى يوم القيامة) وفى الحديث (من آمن بالله وبرسوله واقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله ان يدخل الجنة جاهد فى سبيل الله او جلس فى ارضه التي ولد فيها) قالوا أفلا نبشر الناس قال (ان فى الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين فى سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فاذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فانه اوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر انهار الجنة) وفى الحديث (المجاهد من جاهد نفسه لله تعالى جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم أشجع الناس اقهرهم لهواه) كم عاقل أسير هواه عليه امير عبد الشهوات أذل من عبد الرق ان المرآة لا تريك خدوش وجهك مع صداها وكذلك نفسك لا تريك عيوب نفسك مع هواها وفى الآية بيان ان المؤمن المخلص يجتنب عن الكافر والمنافق ولا يتخذهما صاحبى سر- روى- عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت قالا بينما كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال (هل فيكم غريب) يعنى اهل كتاب قلنا لا يا رسول الله فامر يغلق الباب فقال (ارفعوا ايديكم فقولوا لا اله الا الله) فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله يده ثم قال (الحمد لله اللهم انك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة انك لا تخلف الميعاد) ثم قال (ابشروا فان الله قد غفر لكم) أقول هذا التلقين تلقين خاص قد توارثه الخواص من لدنه عليه السلام الى هذا اليوم ولم يطلعوا عليه العوام ولم يفشوا أسرارهم الى الأجانب فان ذلك من الخيانة وكذا ولاية المؤمن للكافر ومحبته له من الخيانة وما الاختلاط الا من محبة الكفر والعياذ بالله تعالى من ذلك ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ نزلت الآية فى جماعة من رؤساء قريش

<<  <  ج: ص:  >  >>