للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسروا يوم بدر فبهم العباس عم النبي عليه السلام فاقبل عليهم نفر من اصحاب رسول الله فعيروهم بالشرك وجعل على رضى الله عنه يوبخ العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطع رحمه وعون المشركين عليه واغلظ القول له فقال العباس مالكم تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا فقال له على وهل لكم من محاسن قال نعم نعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقى الحاج فقال الله تعالى ردا ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ اى ما صح وما استقام على معنى نفى الوجود والتحقق لا نفى الجواز كما فى قوله تعالى أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ اى ما وقع وما تحقق لهم أَنْ يَعْمُرُوا عمارة معتدا بها مَساجِدَ اللَّهِ اى المسجد الحرام وانما جمع لانه قبلة المساجد وامامها فعامره كعامرها أو لأن كل ناحية من نواحيه المختلفة الجهات مسجد على حاله بخلاف سائر المساجد إذ ليس فى نواحيها اختلاف الجهة قيل لعكرمة لم تقرأ مساجد وانما هو مسجد واحد قال إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ اى شيأ من المساجد فضلا عن المسجد الحرام الذي هو أفضل افراد الجنس على ان تعريف الجمع بالاضافة للجنس فالآية على هذا الوجه كناية عن عمارة المسجد على وجه آكد من التصريح بذلك ذكر فى القنية ان أعظم المساجد حرمة المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم مسجد بيت المقدس ثم الجوامع ثم مساجد الشوارع فانها أخف مرتبة حتى لا يعتكف فيها إذا لم يكن لها امام معلوم ومؤذن ثم مساجد البيوت فانه لا يجوز الاعتكاف فيها الا للنساء انتهى وهذه المساجد هى المساجد المجازية. واما المساجد الحقيقة فهى القلوب الطاهرة عن لوث الشرك مطلقا كما قال من قال

مسجدى كو اندرون اولياست ... سجده كاه جمله است آنجا خداست

آن مجازست اين حقيقت اى خران ... نيست مسجد جز درون سروران

ولهذا يعبر عن هدم المسجد بهدم قلب المؤمن شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ اى بإظهار آثار الشرك من نصب الأوثان حول البيت للعبادة فان ذلك شهادة صريحة على أنفسهم بالكفر وان أبوا ان يقولوا نحن كفار كما نقل عن الحسن وقال السدى شهادتهم على أنفسهم بالكفر ان اليهودي لو قيل له ما أنت قال يهودى ويقول النصراني هو نصرانى ويقول المجوسي هو مجوسى او قولهم نعبد الأصنام ليقربونا الى الله زلفى وهو حال من الضمير فى يعمروا اى محال ان يكون ما سموه عمارة عمارة بيت الله مع ملابستهم لما ينافيها ويحبطها من عبادة غيره تعالى فانها ليست من العمارة فى شىء أُولئِكَ الذين يدعون عمارة المسجد وما يضاهيها من اعمال البر مع ما بهم من الكفر حَبِطَتْ [تباه وباطل شده است بواسطه كفر] أَعْمالُهُمْ التي يفتخرون بها وان كانت من جنس طاعة المسلمين وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ لكفرهم ومعاصيهم قال القاضي عياض انعقد الإجماع على ان الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا بتخفيف عذاب لكن بعضهم يكون أشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم وذكر الامام الفقيه ابو بكر البيهقي انه يجوز ان يراد مما ورد فى الآيات والاخبار فى بطلان خيرات الكفار انهم لا يتخلصون بها من النار ولكن يخفف عنهم ما يستوجبونه بجنايات ارتكبوها سوى الكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>