للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الله اتخذ صاحبكم خليلا) اى لا اتخذ فالمنكر هو اتخاذ غير الله وليا لا نفس اتخاذ الولي لكن قدم المفعول لكونه مناط الإنكار فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مبدعهما اى خالقهما ابتداء لا على مثال سبق وهو بدل من الجلالة وَهُوَ اى والحال انه يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ اى يرزق الخلق ولا يرزق وتخصيص الطعام بالذكر لشدة الحاجة اليه قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وجهه لله مخلصاله لان النبي امام أمته فى الإسلام وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اى وقيل لى لا تكونن من المشركين به تعالى فى امر من امور الدين ومعناه أمرت بالإسلام ونهيت عن الشرك وحقيقة الإسلام الإخلاص من حبس الوجود وما خلص منه غيره عليه السلام بالكلية ولهذا يقول الأنبياء نفسى نفسى وهو يقول أمتي أمتي قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي اى بمخالفة امره ونهيه أي عصيان كان عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى عذاب يوم القيامة مفعول أخاف وفيه قطع لاطماعهم وتعريض بانهم عصاة مستوجبون للعذاب العظيم مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ اى من يصرف عنه العذاب فى ذلك اليوم العظيم ويومئذ ظرف للصرف فَقَدْ رَحِمَهُ اى نجاه وأنعم عليه وَذلِكَ الصرف الْفَوْزُ الْمُبِينُ اى النجاة الظاهرة وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ دليل آخر على انه لا يجوز للعاقل ان يتخذ غير الله وليا اى ببلية كمرض وفقر ونحو ذلك والباء للتعدية وترجمته بالفارسية [واگر برساند خدا بتو سختى] فَلا كاشِفَ لَهُ اى فلا قادر على كشف ذلك الضر ورفعه عنك إِلَّا هُوَ تعالى وحده وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ من صحة ونعمة ونحو ذلك فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فكان قادرا على حفظه وادامته فلا يقدر غيره على رفعه كقوله فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال اهدى الى النبي عليه السلام بغلة أهداها كسرى فركبها بحبل من شعر ثم أردفني خلفه ثم ساربى مليا ثم التفت الى فقال (يا غلام) فقلت لبيك يا رسول الله فقال (احفظ الله بحفظك احفظ الله تجده امامك تعرّف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله فقد مضى القلم بما هو كائن فلو جهد الخلائق ان ينفعوك بما لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه ولو جهدوا ان يضروك بما لم يكتب الله عليك ما قدروا عليه فان استطعت ان تعمل بالصبر مع اليقين فافعل فان لم تستطع فاصبر فان فى الصبر على ما تكره خيرا كثيرا واعلم ان النصر مع الصبر وان مع الكرب الفرج وفَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً فان قلت قد يتصور ان يكشف الإنسان عن صاحبه كربة من الكرب قلت كاشف الضر فى الحقيقة هو الله تعالى اما بواسطة الأسباب او بغيرها: قال الحافظ

كر رنج پيشت آيد وكر راحت اى حكيم ... نسبت مكن بغير كه اينها خدا كند

وكذا الاستعانة فى الحقيقة من الله تعالى فالاستعانة من الأنبياء والأولياء انما هى استشفاع منهم فى قضاء الحاجة والموحد لا يعتقد ان فى الوجود مؤثرا غير الله تعالى وَهُوَ الْقاهِرُ اى القادر الذي لا يعجزه شىء مستعليا فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ فى كل ما يفعله ويأمر به الْخَبِيرُ بأحوال عباده وخفايا أمورهم. صور قهره تعالى وعلو شانه بالعلو الحسى فعبر عنه بالفوقية بطريق الاستعارة التمثيلية فقوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ عبارة عن كمال القدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>