فرجع اليه المهاجرون والأنصار فشمل عز الشهادة اثنين وسبعين من المؤمنين واختص بشرائف نعم الله وجلائل كرمه حمزة سيد الشهداء وهنيئاله ان مثل به إذ مثل به وكثر فيهم الجراح فقال عليه الصلاة والسلام (رحم الله رجلا ذب عن إخوانه وشد على المشركين بمن معه حتى كشفهم عن القتلى والجرحى واعانهم الله حتى هزموا الكفار) ثم ان كل ذلك يؤكد قوله تعالى وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وان المقبل من أعانه الله والمدبر من خذله الله ومن الله العصمة وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ لما شاور النبي عليه السلام أصحابه فى ذلك الحرب وقال بعضهم أقم بالمدينة وقال آخرون اخرج إليهم وكان لكل أحد غرض فى قوله فمن موافق ومن منافق قال تعالى انا سميع لما يقولون عليم بما يسرون إِذْ هَمَّتْ بدل من إذ غدوت مبين لما هو المقصود بالتذكير. والهم تعلق الخاطر بما له قدر طائِفَتانِ مِنْكُمْ ايها المؤمنون وهما بنوا سلمة من الخزرج وبنوا حارثة من الأوس أَنْ تَفْشَلا اى بان تجبنا وتضعفا وترجعا لظنهما الصواب فيه. والفشل الضعف والظاهر ان همهما ليس بمعنى العزم والقصد المصمم وانما هو خطرات وحديث نفس كمالا تخلو النفس عند الشدائد من بعض الهلع ثم يردها صاحبها الى الثبات والصبر ويوطنها على احتمال المكروه وَاللَّهُ وَلِيُّهُما اى عاصمهما من اتباع تلك الخطرات والجملة اعتراض وَعَلَى اللَّهِ وحده دون ما عداه مطلقا استقلالا واشتراكا فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فى جميع أمورهم فانه حسبهم وفيه اشعار بان وصف الايمان من دواعى التوكل وموجباته والتوكل الاعتماد على الغير واظهار العجز. قال الامام وفى الآية اشارة الى انه ينبغى ان يدفع الإنسان ما يعرض له من مكروه وآفة بالتوكل على الله وان يصرف الجزع عن نفسه بذلك التوكل. قال سهل بن عبد الله التستري جملة العلوم ادنى باب من التعبد وجملة التعبد ادنى باب من الورع وجملة الورع ادنى باب من الزهد وجملة الزهد ادنى باب من التوكل. وقال ايضا علامة المتوكل ثلاث لا يسأل ولا يرد ولا يحبس. وكان ابراهيم الخواص رحمه الله مجردا في التوكل وكان لا يفارقه ابرة وخيوط وركوة ومقراض فقيل له يا أبا اسحق لم تحمل هذا وأنت ممتنع من كل شىء فقال مثل هذا لا ينقص التوكل لان لله علينا فرائض والفقير لا يكون عليه غير ثوب واحد فربما يتمزق ثوبه فاذا لم يكن معه ابرة وخيوط تبدو عورته فتفسد عليه صلاته. قال ابو حمزة الخراسانى حججت سنة من السنين فبينما انا امشى فى الطريق إذ وقعت فى بئر فنازعتنى نفسى ان استغيث فقلت لا والله لا استغيث فما استتممت هذا الخاطر حتى مر برأس البئر رجلان فقال أحدهما للآخر تعال حتى نسدّ رأس هذه البئر لئلا يقع فيها أحد فاتوا بقصب وطمسوا البئر فهممت ان اصيح ثم قلت فى نفسى أشكو الى من هو اقرب منهما فسكت فبينما انا بعد ساعة اذانا بشىء قد جاء وكشف عن رأس البئر وادخل رجله وكأنه يقول لى تعلق بي فى هينمة له كنت اعرف ذلك منها فتعلقت به فاخرجنى فاذا هو سبع فمر وهتف بي هاتف يا أبا حمزة أليس هذا احسن نجيناك من التلف بالتلف فمشيت. قال بعضهم من وقع فى ميدان التفويض يزف اليه المراد كما تزف العروس الى أهلها. ولما زج بإبراهيم عليه السلام فى المنجنيق وأتاه جبريل فقال ألك حاجة قال اما إليك فلا واما الى الله فبلى قال سله قال حسبى من سؤالى علمه بحالي وقد