آخر ما يبقى من شعاع الشمس فى القطر الغربي إذا قطعت الأرض العليا ودارت من ورلء جبل قاف مصعدة تطلب المشرق فهذا الوقت هو المستحب لصلاة العشاء الآخرة وهو آخر الورد الاول من أوراد الليل والصلاة فيه ناشئة الليل اى ساعته لانها أول نشوء ساعاته وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وطاء بالكسر والمدمن المواطأة بمعنى الموافقة فان فسرت الناشئة بالنفس الناشئة كان المعنى انها أشد من جهة موافقة القلب الكائن لها لسانها وان فسرت بالقيام او العبادة او الساعات كان المعنى انها أشد من جهة موافقة قلب القائم لسانه فيها او من جهة كونها موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص وعن الحسن رحمه الله أشد موافقة بين السر والعلانية لانقطاع رؤية الخلائق إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا اى تقلبا وتصرفا فى مهما تك كتردد السابح فى الماء واشتغالا بشواغلك فلا تستطيع ان تتفرغ للعبادة فعليك بها فى الليل وهذا بيان للداعى الخارجي الى قيام الليل بعد بيان ما فى نفسه من الداعي قال الراغب السبح المر السريع فى الماء او فى الهولء استعير لمر النجوم فى الفلك كقوله تعالى وكل فى فلك يسبحون ولجرى الفرس كقوله تعالى فالسابحات سبحا ولسرعة الذهاب فى العمل كقوله تعالى ان لك فى النهار سبحا طويلا وفى تاج المصادر السبح تصرف كردن در معيشت. وفى بعض التفاسير قيل السباحة لما فيها من التقلب باليد والرجل فى الماء وقيل معنى الآية ان فانك من الليل شىء فلك فى النهار فراغ تقدر على تداركه فيه حتى لا ينقص شىء من حظك من المناجاة لربك ويناسبه قوله عليه السلام من نام عن حزبه او عن شىء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ومن اقوال المشايخ ان المريد الصادق إذا فانه ورد من أوراده يليق به ان يقضيه ولو بعد شهر حتى لا تتعود النفس بالكسل فالورد من الشؤون الواردة عن الرسول عليه السلام وأخيار أمته ومن لا ورد له اى وارد خاص بالخواص وفى قوت القلوب من فاته ورد من الأوراد استحب له فعل مثله متى ذكره لا على وجه القضاء لانه لا تقضى الا الفرائض ولكن على سبيل التدارك ورياضة النفس بذلك ليأخذ بالعزائم كيلا يعتاد الرخص وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ودم على ذكره تعالى ليلا ونهارا على اى وجه كان من تسبيح وتهليل وتحميد وصلاة وقراءة قرآن ودراسة علم خصوصا بعد صلاة الغداة وقبل غروب الشمس فانهما من ساعات الفتح والفيض وذكر الله على الدوام من وظائف المقربين سوآء كان قلبا او لسانا او أركانا وسوآء كان قياما او قعودا او على الجنوب وبالفارسية وياد كن پروردگار خود را وبأسماء حسنى او را بخوان. قال عليه السلام من أحصاها اى حصلها دخل الجنة فالمراد من ذكر اسمه فذكره تعالى بواسطة ذكر اسمه ولذا قال تعالى واذكر ربك إذ نسيت فالذكر والنسيان فى الحقيقة كلاهما من صفات القلب وعند تجلى المذكور يفنى الذكر والذاكر كما قال شيخى وسندى روح الله روحه فى شرح تفسير الفاتحة للقنوى قدس سره من اشتغل من الأسماء المجازية بما يسر الله الاشتغال به وداوم عليه فلا ريب انه يحصل بينه وبين سر هذا الاسم المشتغل به وروحه بعناية الله وفضله مناسبة ما بقدر الاشتغال ومتى قويت تلك المناسبة