للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على المغفرة بلا توبة والفرق بين الشرك وسائر المعصية هو ان الكافر لا يطلب العفو والمغفرة لمعاصيه وقوله تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) انما هو بالنسبة الى حال الغرغرة فالشرك وسائر المعاصي لا يغفر فى تلك الحال وان وجدت التوبة وهذا لا ينافى المغفرة بدون التوبة بالنسبة الى المعاصي سوى الشرك فان مغفرته مخالفة للحكمة وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (جعل الله الرحمة مائة جزء فامسك عنده تسعة وتسعين وانزل فى الأرض جزأ واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها وهو يمص ان تصيبه) فهذا مما يدل على كمال الرجاء والبشارة للمسلمين لانه حصل فى هذه الدار من رحمة واحدة ما حصل من النعم الظاهرة والباطنة فما ظنك بمائة رحمة فى الدار الآخرة قال يحيى بن معاذ رحمه الله فى كتاب الله كنوز موجبة للعفو عن جميع المؤمنين. منها قوله تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ) إلخ ولذا قال العلماء أرجى آية فى القرآن لاهل التوحيد هذه الآية وقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وقوله (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) وذلك ان كل نبى مرسل مظهر لبعض احكام الرحمة ولذا كانت رسالته مقيدة ومقصورة على طائفة مخصوصة ولما كان نبينا عليه السلام مظهر حقيقة الرحمة كانت بعثته عامة وقيل فيه (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وتم ظهور حكم رحمانيته بالشفاعة التي بها تظهر سيادته على جميع الناس حتى ان من يكون له درجة الشفاعة من الملائكة والأنبياء والمؤمنين لا يشفعون الا بعده فلا تقنطوا أيتها الامة المرحومة من رحمة الله المطلقة ان الله يغفر الذنوب جميعا بشفاعة من هو مظهر تلك الرحمة قال الجامى

ز مهجورى برآمد جان عالم ... ترحم يا نبى الله ترحم

اگر چهـ غرق درياى كناهم ... فتاده خشك لب بر خاك راهيم

تو ابر رحمتى آن به كه كناهى ... كنى در حال لب خشكان نكاهى

وَأَنِيبُوا يا عبادى إِلى رَبِّكُمْ اى ارجعوا الى ربكم بالتوبة من المعاصي وَأَسْلِمُوا لَهُ اى أخلصوا العمل لوجهه فان السالم بمعنى الخالص مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ فى الدنيا والآخرة ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ لا تمنعون من عذاب الله ان لم تتوبوا قبل نزوله يعنى [هيچكس در دفع عذاب شما نصرت ندهد] والظاهر من آخر الآية ان الخطاب للكفار فالمعنى فارجعوا ايها الناس من الشرك الى الايمان وأخلصوا له تعالى التوحيد قال سيد الطائفة الجنيد قدس سره انقطعوا عن الكل بالكلية فما يرجع إلينا بالحقيقة أحد وللغير عليه اثر وللاكوان على سره خطر ومن كان لنا حرا مما سوانا وفى الاسئلة المقحمة الفرق بين التوبة والانابة ان التائب يرجع الى الله خوفا من العقوبة والمنيب يرجع حياء منه وشوقا اليه قال ابراهيم بن أدهم قدس سره إذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة وفى التأويلات النجمية التوبة لاهل البداية وهى الرجوع من المعصية الى الطاعة ومن الاوبة للمتوسط وهى الرجوع من الدنيا الى الآخرة ومن الانابة لاهل النهاية وهى الرجوع

<<  <  ج: ص:  >  >>