للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلقة بجعلنا المتعدى لواحد وهو اخبار بجعل ماض لا إنشاء وتقديما عليه للتخصيص ومنكم متعلق بمحذوف وقع صفة لما عوض عنه تنوين كل والمعنى لكل امة كائنة منكم ايها الأمم الباقية والخالية جعلنا اى عينا ووضعنا شرعة ومنهاجا خاصين بتلك الامة لا تكاد أمة تتخطى شرعتها التي عينت لها فالأمة من مبعث موسى الى مبعث عيسى عليهما السلام شرعتهم التوراة والتي كانت من مبعث عيسى الى مبعث النبي عليهما السلام شرعتهم الإنجيل واما أنتم ايها الموجودون فشرعتكم القرآن ليس إلا فآمنوا به واعملوا بما فيه والشرعة والشريعة هى الطريقة الى الماء شبه بها الدين الذي شرعه الله اى سنه من نحو الصوم والصلاة والحج والنكاح وغير ذلك من وجوه الصلاح لكونه سبيلا موصلا الى ما هو سبب للحياة الابدية كما ان الماء سبب للحياة الفانية والمنهاج الطريق الواضح فى الدين من نهج الأمر إذا وضح قيل فيه دليل على انا غير متعبدين بشرائع من قبلها والتحقيق انا متعبدون باحكامها الباقية من حيث انها احكام شريعتنا لا من حيث انها شرعة للاولين وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ان يجعلكم امة واحدة لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً اى جماعة واحد متفقة على دين واحد فى جميع الاعصار من غير اختلاف بينكم وبين من قبلكم من الأمم فى شىء من الاحكام الدينية ولا نسخ ولا تحويل وَلكِنْ لم يشأ ذلك اى ان يجعلكم امة واحدة بل شاء ما عليه ألسنة الالهية الجارية فيما بين الأمم لِيَبْلُوَكُمْ اى ليعاملكم معاملة من يبتليكم فِي ما آتاكُمْ من الشرائع المختلفة المناسبة لاعصارها وقرونها هل تعملون بها مذعنين لها معتقدين ان اختلافها بمقتضى المشيئة الالهية المبنية على أساس الحكم البالغة والمصالح النافعة لكم فى معاشكم ومعادكم او تزيغون عن الحق وتتبعون الهوى وتستبدلون المضرة بالجدوى وتشترون الضلالة بالهدى: وفى المثنوى

گر بسوزد باغت انگورت دهد ... در ميان ماتمى سورت دهد

لانسلم واعتراض از ما برفت ... چون عوض مى آيد از مفقود زفت

فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ اى إذا كان الأمر كما ذكر فسارعوا الى ما هو خير لكم فى الدارين من العقائد الحقية والأعمال الصالحة المندرجة فى القرآن الكريم وابتدروها انتهازا للفرصة وإحراز المسابقة الفضل إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً اى مرجع من آمن ومن لم يؤمن جميعا حال من ضمير الخطاب فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ اى فيفعل بكم من الجزاء الفاصل بين المحق والمبطل لا يبقى لكم معه شائبة شك فيما كنتم تختلفون فيه فى الدنيا من امر الدين والشريعة وانما عبر عن ذلك بما ذكر لوقوعه موقع ازالة الاختلاف التي هى وظيفة الاخبار وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عطف على الكتاب اى أنزلنا عليك الكتاب والحكم بما فيه وَاحْذَرْهُمْ مخافة أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ اى يضلوك ويصرفوك عن بعضه ولو كان اقل قليل بتصوير الباطل بصورة الحق فالمراد بالفتنة هاهنا الميل عن الحق والوقوع فى الباطل كما فى قوله عليه السلام (أعوذ بك من فتنة المحيا) اى العدول عن الطريق المستقيم وكل من صرف من الحق الى الباطل وأميل عن القصد فقد فتن- روى- ان أحبار اليهود قالوا اذهبوا بنا الى محمد فلعلنا نفتنه عن دينه فذهبوا اليه صلى الله عليه وسلم فقالوا

<<  <  ج: ص:  >  >>