وَاتَّخَذُوا اى المشركون لانفسهم مِنْ دُونِهِ اى حال كونهم متجاوزين عبادة الذي خلق هذه الأشياء آلِهَةً من الأصنام لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً اى لا تقدر تلك الآلهة على خلق شىء من الأشياء أصلا لا على ذهاب ولا على غيره وانما ذكر الأصنام بلفظ العقلاء لان الكفار يجعلونهم بمنزلة العقلاء فخاطبهم بلغتهم كما فى تفسير ابى الليث وَهُمْ يُخْلَقُونَ كسائر المخلوقات وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ اى لا يستطيعون ضَرًّا اى دفع ضر قدم لكونه أهم من النفع وَلا نَفْعاً ولا جلب نفع فكيف يملكون شيأ منهما لغيرهم فهم أعجز من الحيوان فانه ربما يملك دفع الضر وجلب النفع لنفسه فى الجملة وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً اى لا يقدرون على اماتة الاحياء واحيائهم اولا وبعثهم ثانيا ومن كان كذلك فبمعزل عن الالوهية لعرائه عن لوازمها واتصافه بما ينافيها وفيه تنبيه على ان الإله يجب ان يكون قادرا على البعث والجزاء يعنى ان الضار والنافع والمميت والمحيي والباعث هو الله تعالى فهو المعبود الحقيقي وما سواه فليس بمعبود بل عابد لله تعالى كما قال تعالى (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) وفى الآية اشارة الى الأصنام المعنوية وهم المشايخ المدّعون والدجاجلة المضلون فانهم ليسوا بقادرين على احياء القلوب واماتة النفوس فالتابعون لهم فى حكم عابدى الأصنام فليحذر العاقل من اتخاذ اهل الهوى متبوعا فان الموت الأكبر الذي هو الجهل انما يزول بالحياة الأشرف الذي هو العلم فان كان للعبد مدخل فى إفادة الخلق العلم النافع ودعائهم الى الله على بصيرة فهو الذي رقى غيره من الجهل الى المعرفة وانشأه نشأة اخرى وأحياه حياة طيبة بإذن الله تعالى وهى رتبة الأنبياء ومن يرثهم من العلماء العاملين واما من سقط عن هذه الرتبة فليس الاستماع الى كلامه الا كاستماع بنى إسرائيل الى صوت العجل: قال المولى الجامى قدس سره
وقد قال تعالى (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) اى كونوا فى جملة الصادقين ومصاحبين لهم وبعضهم ولذا قالوا يلزم للمرء ان يختار من البقاء أحسنها دينا حتى يتعاون بالاخوان الصادقين قيل لعيسى عليه السلام يا روح الله من نجالس فقال من يزيدكم فى علمه منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله: قال الصائب قدس سره
نورى از پيشانىء صاحب دلان دريوزه كن ... شمع خود را مى برى دل مرده زين محفل چرا
اى كه روى عالمى را جانب خود كرده ... رو نمى آرى بروى صائب بيدل چرا
اللهم بحق الفرقان اجعلنا مع الصادقين من الاخوان وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا كنضر ابن الحارث وعبد الله بن امية ونوفل بن خويلد ومن تابعهم إِنْ هَذا اى ما هذا القرآن إِلَّا إِفْكٌ كذب مصروف عن وجهه لان الافك كل مصروف عن وجهه الذي يحق ان يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات ورجل مأفوك مصروف عن الحق الى الباطل افْتَراهُ اختلقه محمد من عند نفسه. والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه كما فى الاسئلة