آمنة مطمئنة ثابت مستمر رَغَداً واسعا مِنْ كُلِّ مَكانٍ من نواحيها من البر والبحر فَكَفَرَتْ اى كفر أهلها بِأَنْعُمِ اللَّهِ اى بنعمه جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدرع وادرع والمراد بها نعمة الرزق والامن المستمر وإيثار جمع القلة للايذان بان كفران نعمة قليلة حيث أوجب هذا العذاب فما ظنك بكفران نعم كثيرة- روى- ان اهل ايلة كانوا يستنجون بالخبز كما فى الكواشي يقول الفقير الخبز هو الأصل بين النعم الإلهية ولذا امر آدم عليه السلام الذي هو اصل البشر بالحراثة فمن كفر به فقد كفر بجميع النعم وتعرض لزوالها وكذا الاعتقاد الصحيح الذي عليه اهل السنة والجماعة هو الأساس المبنى عليه قبول الأعمال الصالحة فمن أفسد اعتقاده فقد أفسد دينه وتعرض لسخط الله تعالى
بآب زمزم اگر شست خرقه زاهد شهر ... چهـ سود از ان چوندارد طهارت ازلى
والمقصود طهارة الوجود والقلب عن لوث الانية والتعلق بغير الله تعالى فَأَذاقَهَا اللَّهُ اى أذاق أهلها. وبالفارسية [پس بچشانيد خداى تعالى اهل آنرا] واصل الذوق بالفم ثم يستعار فيوضع موضع الابتلاء والاختبار كما فى تفسير ابى الليث لِباسَ الْجُوعِ حتى أكلوا ما تغوطوه لان الجزاء من جنس العمل قال فى الاسئلة المقحمة فى الاجوبة المفحمة كيف سمى الجوع لباسا قيل لانه يظهر من الهزال وشحوب اللون وضيق الحال ما هو كاللباس وَالْخَوْفِ قال فى الإرشاد شبه اثر الجوع والخوف وضرهما المحيط بهم باللباس الغاشى للابس فاستعير له اسمه وأوقع عليه الاذاقة المستعارة لمطلق الإيصال المنبئة عن شدة الاصابة بما فيها من اجتماع ادراك الملامسة والذائقة على نهج التجريد فانها لشيوع استعمالها فى ذلك وكثرة جريانها على الالسنة جرت مجرى الحقيقة بِما كانُوا يَصْنَعُونَ فيما قبل من الكفران ثم بين ان ما فعلوه من كفران النعم لم يكن مزاحمة منهم لقضية العقل فقط بل كان ذلك معارضة لحجة الله على الخلق ايضا فقال وَلَقَدْ جاءَهُمْ اى اهل تلك القرية رَسُولٌ مِنْهُمْ اى من جنسهم يعرفونه بأصله ونسبه فاخبرهم بوجوب الشكر على النعمة وانذرهم سوء عاقبة الكفران فَكَذَّبُوهُ فى رسالته فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ المستأصل غب ما ذاقوا نبذة من ذلك وَهُمْ ظالِمُونَ حال كونهم ظالمين بالكفران والتكذيب حيث جعلوا الاول موضع الشكر والثاني موضع التصديق وترتيب العذاب على التكذيب جرى على سنة الله تعالى كما قال وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا قال ابن عباس رضى الله عنهما هذا المثل لاهل مكة فانهم كانوا فى حرم آمن ويتخطف الناس من حولهم وما يمر ببالهم طيف من الخوف وكانت تجبى اليه ثمرات كل شىء ولقد جاءهم رسول منهم فكفروا بانعم الله وكذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصابهم بدعائه صلى الله عليه وسلم بقوله (اللهم اعنى عليهم بسبع كسبع يوسف) ما أصابهم من القحط والجدب حتى أكلوا الجيف والكلاب الميتة والجلود والعظام المحرقة والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم باوبار الإبل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع قد ضاقت عليهم الأرض بما رجت من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة حيث كانوا يغيرون على مواشيهم وعيرهم وقوافلهم