للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنصيب المفروض من العباد هم طائفة خلقهم الله تعالى اهل النار كقوله تعالى وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وهم اتباع الشيطان هاهنا وقد لعن الله الشيطان وأبعده عن الحضرة إذ كان سبب ضلالتهم كما قال عليه السلام (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله تعالى وما والاه) وانما لعن الله الدنيا وأبغضها لانها كانت سببا للضلالة وكذلك الشيطان ولا يغتر بوعد الشيطان الا الضال بالضلال البعيد الأزلي ولذا تولد منه الشرك المقدر بمشيئة الله الازلية.

واما من خلقه الله أهلا للجنة فقد غفر له قبل ان خلقه ومن غفر له فانه لا يسرك بالله شيأ وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما نزل قوله تعالى وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ تطاول إبليس وقال انا شىء من الأشياء فلما نزل فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ يئس إبليس وتطاولت اليهود والنصارى ثم لما نزل قوله تعالى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ يئس اليهود والنصارى وبقيت الرحمة للمؤمنين خاصة فهم خلقوا للرحمة ودخلوا الجنة بالرحمة ولهم الخلود فى الرحمة وبقي العذاب للشيطان واتباعه من الانس والجن ولهم الخلود فى النار كما قال الله تعالى وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً لانهم خلقوا لها فلا بد من الدخول فيها: قال الحافظ

پير ما گفت خطا بر قلم صنع نرفت ... آفرين بر نظر پاك خطا پوشش باد

فافهم تفز ان شاء الله تعالى وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ صلاح الأعمال فى إخلاصها فالعمل الصالح هو ما أريد به وجه الله تعالى وينتظم جميع أنواعه من الصلاة والزكاة وغيرهما سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى انهار الماء واللبن والخمر والعسل خالِدِينَ فِيها أَبَداً اى مقيمين فى الجنة الى الابد فنصب ابدا على الظرفية وهو لاستغراق المستقبل.

قال الحدادي انما ذكر الطاعة مع الايمان وجمع بينهما فقال آمنوا وعملوا الصالحات ليتبين بطلان توهم من يتوهم انه لا تضر المعصية والإخلال بالطاعة مع الايمان كمالا تنفع الطاعة مع الكفر وليتبين استحقاق الثواب على كل واحد من الامرين وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا اى وعد الله لهم هذا وعدا وحق ذلك حقا فالاول مؤكد لنفسه لانه مضمون الجملة الاسمية التي قبل وعد لان الوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها والثاني مؤكد لغيره لان الخبر من حيث انه خبر يحتمل الصدق والكذب وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا استفهام إنكاري اى ليس أحد اصدق من الله قولا ووعدا وانه تعالى اصدق من كل قائل فوعده اولى بالقبول ووعد الشيطان تخييل محض ممتنع الوصول. وقيلا نصب على التمييز والقيل والقال مصدران كالقول لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ جمع امنية بالفارسية «آرزو كردن» وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ اى ليس ما وعد الله من الثواب يحصل بامانيكم ايها المسلمون ولا بامانى اهل الكتاب وانما يحصل بالايمان والعمل الصالح. وأماني المسلمين ان يغفر لهم جميع ذنوبهم من الصغائر والكبائر ولا يؤاخذوا بسوء بعد الايمان. وأماني اهل الكتاب ان لا يعذبهم الله ولا يدخلهم النار الا أياما معدودة لقولهم نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ فلا يعذبنا. وعن الحسن ليس الايمان بالتمني ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل ان قوما الهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن بالله لاحسنوا العمل. قال بعضهم الرجاء

<<  <  ج: ص:  >  >>