التلوين فى التمكين آمنا من الرجوع الى الاحكام الطبيعية والآثار البشرية فان الفاني لا يرد الى أوصافه فمن كان متمكنا فى مقام الترقي تخلص من التنزل الى مقام النفس الامارة وفى التعريفات النفس المطمئنة هى التي تنورت بنور القلب حتى تخلت عن صفاتها الذميمة وتحلت بالأخلاق الحميدة (وقال الكاشفى) اى نفس آرام كرفته بذكر من كه شاكر بودى در نعمت وصبر نمودى در محنت. والمعنى ان الله تعالى يقول بالذات للمؤمن إكراما له كما كلم موسى عليه الصلاة والسلام او على لسان الملك وذلك عند تمام الحساب يا أيتها النفس المطمئنة ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ اى الى ما وعد لك من الكرامة والزلفى فكونه تعالى منتهى الغاية انما هو بهذا الاعتبار فسقط تمسك المجسمة واستدل بالرجوع الذي هو العود على تقدم الروح خلقا راضِيَةً بما أوتيت من النعيم المقيم مَرْضِيَّةً عند الله فَادْخُلِي فِي عِبادِي فى زمرة عبادى الصالحين المختصين بي وَادْخُلِي جَنَّتِي معهم كقوله تعالى وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين فالدخول فى زمرة الخواص هى السعادة الروحانية والدخول معهم فى الجنات ودرجاتها هى السعادة الجسمانية وقيل المراد بالنفس الروح والمعنى فادخلى فى أجساد عبادى التي فارقت عنها وادخلى دار ثوابى وهذا يؤيد قول من قال ان الخطاب عند البعث وذهب بعضهم الى انه عند الموت كما روى ان أبا بكر رضى الله عنه سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان الملك سيقولها لك يا أبا بكر عند موتك وقال الحسن إذا أراد الله قبضها اطمأنت الى الله ورضيت عن الله ورضى الله عنها وقال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما إذا توفى العبد المؤمن أرسل الله ملكين وأرسل اليه بتحفة من الجنة فيقال لها اخرجى أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى روح وريحان ورب عنك راض فتخرج كأطيب ريح مسك وجده أحد فى أنفه والملك على ارجاء السماء يقولون قد جاء من الأرض روح طيبة ونسمة طيبة فلا تمر بباب إلا فتح ولا يملك الأصلي عليها حتى يؤتى بها الى الرحمن اى الى حضوره ومقام مخصوص من مقامات كراماته فتسجد ثم يقال لميكائيل اذهب بهذه فاجعلها مع انفس المؤمنين ثم يؤمر فيوسع عليه قبره سبعون ذراعا عرضه وسبعون ذراعا طوله وينبذ له فيه الريحان فان كان معه شىء من القرآن كفاه نوره وان لم يكن جعل له نور مثل نور الشمس فى قبره فيكون مثله مثل العروس ينام فلا يوقظه الا أحب أهله وإذا توفى الكافر أرسل الله اليه ملكين وأرسل اليه قطعة يجاد أنتن من كل منتن وأخشن من كل خشن فيقال أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى جهنم عذاب أليم ورب عليك غضبان وقال سعيد بن جبير رحمه الله مات ابن عباس رضى الله عنهما بالطائف فشهدت جنازته فجاء طائر لم ير مثله على خلقته فدخل نعشه ثم لم يرخارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يرى من تلاها يا أيتها النفس المطمئنة ودل قوله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها ان من النفوس الطيبة من يتولى الله قبضها بنفسه فيا طوبى لها وقال بعض اهل الاشارة يا أيتها النفس المطمئنة الى الدنيا ارجعي الى الله بتركها وبسلوك سبيل الآخرة