الأنبياء اعطوا النبوة والله اعلم وكانوا مقررين لدين رسولهم حاكمين بالكتب المنزلة على رسلهم فكذلك هذا القوم كما قال تعالى وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا الآية واما اتباعه فى مقام أميته صلى الله عليه وسلم فذلك مخصوص بأخص الخواص من متابعيه وهو انه صلى الله عليه وسلم رجع من مقام بشريته الى مقام روحانيته الاولى ثم بجذبات الوحى انزل فى مقام التوحيد ثم اختطف بانوار الهوية عن انانيته الى مقام الوحدة كما قال تعالى قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وكما قال ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فقاب قوسين عبارة عن مقام التوحيد وأو أدنى عن مقام الوحدة تفهم ان شاء الله تعالى فمن رجع بالسير فى متابعته من مقام البشرية الى ان بلغ مقام روحانيته ثم بجذبات النبوة انزل فى مقام التوحيد ثم اختطف بانوار المتابعة عن انانيته الى مقام الوحدة فقد حظى بمقام أميته صلى الله عليه وسلم وبقوله تعالى الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يشير الى انه مكتوب عندهم والا فهو مكنون عنده فى مقعد صدق يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وهو طلب الحق والنيل اليه وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو طلب ما سواه والانقطاع عنه وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ اى القربات الى الله وان الطيب هو الله وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وهى الدنيا وما يباعدهم عن الله وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ يعنى إصرهم من العهد الذي كان بين الله تعالى وبين حبيبه صلى الله عليه وسلم بان لا يصل أحد الى مقام أميته وحبيبيته الا أمته واهل شفاعته بتبعيته كما قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي الآية وقال عليه السلام (الناس يحتاجون الى شفاعتى حتى ابراهيم) فكان من هذا العهد عليهم شدة وأغلال تمنعهم من الوصول الى هذا المقام فقد وضع النبي عليه السلام عنهم هذا الإصر والاغلال بالدعوة الى متابعته ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ اى وقروه باختصاص هذا المقام فانه مخصوص به من بين سائر الأنبياء والرسل ونصروه بالمتابعة وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ يعنى حين اختطف بانوار الهوية عن انانيته فاستفاد نور الوحدة فلم يبق من ظلمة انانيته شىء وكان نورا صرفا فلما أرسل الى الخلق انزل معه نور الوحدة كما قال تعالى قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم وكتاب مبين يعنى القرآن فامروا بمتابعة هذا النور ليقتبسوا منه نور الوحدة فيفوزوا بالسعادة الكبرى والنعمة العظمى أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فى حجب الانانية الفائزون بنور الوحدة كذا فى التأويلات النجمية قُلْ يا محمد يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الخطاب عام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثا الى الكافة من الثقلين الى من وجد فى عصره والى من سيوجد بعده الى يوم القيامة بخلاف سائر الرسل فانهم بعثوا الى أقوامهم اهل عصرهم ولم تستمر شرائعهم الى يوم القيامة وإليكم متعلق بقوله رسول وجميعا حال من ضمير إليكم قال الحدادي انى رسول الله إليكم كافة أدعوكم الى طاعة الله وتوحيده واتباعه فيما اؤديه إليكم وفى آكام المرجان لم يخالف أحد من طوائف المسلمين فى ان الله تعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم الى الجن والانس والعرب والعجم فان قلت فى بعثة سليمان عليه السلام مشاركة له لانه ايضا كان مبعوثا الى الانس والجن وحاكما عليهما بل على جميع الحيوانات قلت ان سليمان لم يبعث