عَذابِي وَنُذُرِ والمراد به الطمس فانه من جملة ما انذروه من العذاب وفيه اشارة الى أن طمس الابصار كان من نتائج مسح الابصار ولذا ورد في القرآن ونحشره يوم القيامة أعمى لانه اعرض عن ذكر الله ولم يلتفت اليه أصلا وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً التصبيح بامداد بنزديك كسى آمدن اى جاءهم وقت الصبح عَذابٌ اى الخسف والحجارة مُسْتَقِرٌّ يستقر بهم ويثبت لا يفارقهم حتى يفضى بهم الى النار يعنى عذاب دائم متصل بعذاب الآخرة وفي وصفه بالاستقرار ايماء الى ان ما قبله من عذاب الطمس ينتهى به والحاصل ان العذاب الذي هو قلب قريتهم عليهم وجعل أعلاها أسفلها ورميهم بالحجارة غير العذاب الذي نزل بهم من طمس الأعين فانه عذاب دنيوى غير موصول بعذاب الآخرة واما عذاب الخسف والحجارة فموصول به لانهم بهذا العذاب ينتقلون الى البرزخ الموصول بالآخرة كما أشار اليه قوله عليه السلام من مات فقد قامت قيامته اى من حيث اتصال زمان الموت بزمان القيامة كما ان ازمنة الدنيا يتصل بعضها ببعض فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ حكاية لما قيل لهم حينئذ من جهته تعالى تشديدا للعذاب وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ مر ما فيه من الكلام وفيه استئناف للتنبيه والإيقاظ لئلا يغلبهم السهو والغفلة وكذا تكرير قوله تعالى فبأى آلاء ربكما تكذبان وويل يومئذ للمكذبين ونحو هما من الانباء والقصص والمواعيد والزواجر والقواطع فان في التكرير تقريرا للمعانى فى الاسماع والقلوب وتثبيتا لها في الصدور وكلما زاد تكرير الشيء وترديده كان أقر له في القلب وأمكن في الصدر وارسخ في الفهم واثبت للذكروا بعد من النسيان وفي القصة اشارة الى معاملة لوط الروح مع قوم النفس الامارة ومعاملة الله بهم من إنجاء لوط الروح بسبب صفاته الروحانية وإهلاك قومه بسبب صفاتهم البشرية الطبيعية وكل من غلب عليه الشهوة البهيمية التي هى شهوة الجماع يجب عليه أن يقهر تلك الصفة ويكسرها بأحجار ذكر لا اله الا الله ويعالج تلك الصفة بضدها وهو العفة التي هى هيئة للقوة الشهوية متوسطة بين الفجور الذي هو افراط هذه القوة والخمود الذي هو تفريطها فالعفيف من يباشر الأمور على وفق الشرع والمروءة بخلاف اهل الشهوة فان الشهوة حركة للنفس طلبا للملائم وحال النفس اما افراط او تفريط فلابد من إصلاحها من جميع القوى والصفات فانها هى التي حملت الناس على الفجور وإيقاع الفتنة بينهم وتحريك الشرور
نمى تازد اين نفس سر كش چنان ... كه عقلش تواند كرفتن عنان
نسأل الله العون والتوفيق والثبات في طريق التحقيق وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ اكتفى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه اولى بالنذر اى وبالله لقد جاءهم الانذارات من جهة موسى وهرون عليهما السلام كأنه قيل فماذا فعلوا حينئذ فقيل كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها يعنى الآيات التسع وهى اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وحل عقدة من لسانه وانفلاق البحر فَأَخَذْناهُمْ بالعذاب عند التكذيب أَخْذَ عَزِيزٍ لا يغالب يعنى كرفتن غالبى كه مغلوب نكردد در كرفتن مُقْتَدِرٍ لا يعجزه شيء والمقصود