فاذا أكد لم يكن الا حقيقة الكلام وانما أمرت بذلك لكراهة مجادلة السفهاء ومناقلتهم والاكتفاء بكلام عيسى انه قاطع لطعن الطاعن والرائب فى براءة ساحتها وذلك ان الله تعالى أراد ان يظهر براءتها من جهة عيسى فتكلم ببراءة امه وهو فى المهد وفيه ان السكوت عن السفيه واجب ومن أذل الناس سفيه لم يجد مسافها: قال الصائب
در جنك ميكند لب خاموش كار تيغ ... داد جواب مردم نادان چهـ لازمست
وقال
با كران جانان مكو حرف كران تا نشنوى ... كوه در رد صدا بي اختيار افتاده است
ومن بلاغات الزمخشري ما قدع السفيه بمثل الاعراض وما اطلق عنانه بمثل العراض سورة السفيه تكسرها الحلماء والنار المضطرمة يطفئها الماء يعنى ان سورة السفيه كالنار المضطرمة ولا يطفأها الا الحلم كما لا يطفئ النار الا الماء والنار تأكل نفسها ان لم تجد ما تأكله وفى الآية اشارة الى الصوم عن الالتفات لغير الله تعالى كما قال بعض الكبار الدنيا يوم ولنا فيه صوم ولا يكون إفطاره الا على مشاهدة الجمال فعلى السالك ان ينقطع عن عالم الناسوت ويقطع لسانه عن غير ذكر اللاهوت حتى يحصل قطع الطريق والوصول الى منزل التحقيق وكما ان مريم هزت النخلة فاسقطت عليها رطبا جنيا فكذا مريم القلب إذا هزت بنخلة الذكر وهى كلمة «لا اله الا الله» تسقط عليها من المشاهدات الربانية والمكاشفات الإلهية ما به يحصل التمتعات التي هى مشارب الرجال البالغين كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم يقول (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) اللهم اجعلنا من الذين كوشفوا عن وجه حقيقة الحال ووصلوا الى تجليات الجمال والجلال فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها والباء بمعنى مع اى جاءتهم مع ولدها راجعة إليهم عند ما طهرت من نفاسها وجعلها الكاشفى للتعدية حيث قال [پس آورد مريم عيسى را] وعن ابن عباس رضى الله عنهما انها خرجت من عندهم حين شرقت الشمس وجاءتهم عند الظهر ومعها صبى تَحْمِلُهُ فى موقع الحال اى حاملة له- روى- ان زكريا افتقد مريم فلم يجدها فى محرابها فاغتم غما شديدا وقال لابن خالها يوسف اخرج فى طلبها فخرج يقص اثرها حتى لقيها تحت النخلة فلما رجعت الى قومها وهم اهل بيت صالحون وزكريا جالس معهم بكوا وحزنوا ثم قالُوا موبخين لها يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً على حذف الباء من شيأ ومآله فعلت شيأ فَرِيًّا اى عظيما بديعا منكرا مقطوعا بكذبه من فرى الجلد إذا قطعه. والفرية بالكسر الكذب والفري الأمر المختلق المصنوع او العظيم وهو يفرى الفري يأتى بالعجب فى عمله. وفى الاخترى انه من الاضداد يجئ بمعنى الأمر الصالح والسيئ قال الكاشفى [چيزى شكفت يا زشت كه در ميان اهل بيت مثل اين واقع نبوده] يا أُخْتَ هارُونَ روى عن النبي عليه السلام انهم انما عنوا به هارون النبي السلام وكانت من أعقاب من كان معه فى مرتبة الاخوة وذلك بان تكون من اخت هارون او أخيه وكان بينها وبينه الف وثمانمائة سنة وقيل كان هارون أخاها من أبيها وكان رجلا صالحا وقيل هو أخو موسى نسبت اليه بالاخوة لانها من ولده كما يقال يا أخا العرب اى يا واحدا منهم