للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تركت صلاة العصر ويقال ان الله تعالى اقسم بوقت العصر نفسه كما اقسم بالفجر فقد خلق فيه اصل البشر آدم عليه السلام فكان له شرف زائد على غيره ويقال اقسم بالعشي الذي هو ما بين الزوال والغروب كما اقسم بالضحى لما فيها جميعا من دلائل القدرة ويقال اقسم بعصر النبوة الذي مقداره فيما مضى من الزمان مقدار وقت العصر من النهار وهو زمان بعثته الى انقراض أمته فى آخر الزمان وهو ألف سنة كما قال عليه السلام ان استقامت أمتي فلها يوم وان لم تستقم فلها نصف يوم وفضل هذا العصر على سائر الاعصار ظاهر لأنه عصر خير الأنبياء والمرسلين وعصر خير الأمم وخير الكتب الالهية وفيه ظهر تمام الكمالات تفصيلا ويقال اقسم بالدهر لانطوآئه على أعاجيب الأمور القارة والمارة وللتعريض بنفي ما يضاف اليه من الخسران فان الإنسان يضيف المكاره والنوائب اليه ويحيل شقاوته وخسرانه عليه والاقسام بالشيء إعظام له وما يضاف اليه الخسران لا يعظم عادة وقد قال عليه السلام لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر فاقسم الله بالدهر لأنه بالنسبة الى الفهم العام محل شهود الآيات الالهية كالليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وغيرها وبالنسبة الى الفهم الخاص مظهر التجليات الالهية لظهوره تعالى بصفاته وأفعاله فى مظهره فلما كان العصر جامعا لجميع الآيات التي اقسم الله بها فى القرآن كقوله تعالى والفجر وليال عشر وقوله تعالى والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها وقوله تعالى والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وقوله تعالى والضحى والليل إذا سجا ختم الله بقسم العصر اقسام جميع القسم وفى التأويلات النجمية اقسم الله بكمال دوام الزمان واستمراره لاشتماله على ولاية النبي عليه السلام ونبوته ورسالته وخلافته لقوله كنت نبيا وآدم بين الماء والطين اى بين ماء العلم وطين المعلوم ولقوله نحن الآخرون السابقون ولقوله حكاية عن الله سبحانه لولاك لما خلقت الافلاك ولقوله انا من الله والمؤمنون منى ويقوى هذه الأحاديث قوله تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين اى من عالمى زمانه وما كان بعده وما كان قبله لأن العالمين جمع محلى بالألف واللام فيدل على العموم والشمول كما فى قوله تعالى الحمد لله رب العالمين إِنَّ الْإِنْسانَ التعريف للجنس يعنى الاستغراق بدلالة صحة الاستثناء من الإنسان فان صحة الاستثناء من جملة ادلة العموم والاستغراق لَفِي خُسْرٍ الخسر والخسران معناه النقصان وذهاب رأس المال فى حق جنس الإنسان هو نفسه وعمره والتنكير للتفخيم اى لفى خسران عظيم لا يعلم كنهه الا الله فى متاجرهم وصرف أعمارهم فى مباغيهم يعنى هر آينه در زيانند بصرف أعمار در مطالب نا پايدار.

مده به بيهده نقد عزيز عمر بدست ... كه پس زيان كنى ومر ترا ندارد سود

والذنب يعظم اما لعظم من فى حقه الذنب او لأنه فى مقابلة النعمة العظيمة وكلا الوجهين حاصل فى ذنب العبد فى حق ربه فلا جرم كان ذلك الذنب فى غاية العظم ويجوز ان يكون التنوين للتنويع اى نوع من الخسران غير ما يتعارفة الناس إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله الايمان العلمي البقينى وعرفوا أن لا مؤثر بالحقيقة الا لله وبرزوا عن حجاب الدهر وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى اكتسبوا الفضائل

<<  <  ج: ص:  >  >>