فى الرهبانية والاحتراز التام عن الذات والطيبات مما يوقع الضعف فى الأعضاء الرئيسة التي هى القلب والدماغ وإذا وقع الضعف فيها اختلت الفكرة وباختلالها تفوت عنها الكمالات المتعلقة بالقوة النظرية رأسا وينتقص كمالاتها المتعلقة بالقوة العملية فان تمامها وكمالها يبنى على كمال القوة النظرية. وايضا الرهبانية التامة توجب خرابية الدنيا وانقطاع الحرث والنسل فلما كانت عمارة الدنيا والآخرة منوطة بترك تلك الرهبانية والمواظبة على المعرفة والمحبة والطاعة اقتضت الحكمة ان لا يحرم الإنسان ما طاب ولذ مما أحل الله كما نطقت الآية به. ولكن اشارة الآية ايضا الى الاعتدال كما قال وَلا تَعْتَدُوا فالاعتدال فى التناول وكذا فى الرياضة ممدوح جدا ولذا ترى المرشد الكامل يأمر فى ابتداء امره بترك اللحم والدسم والجماع وغيرها ولكن على الاعتدال بحسب مزاجه فان للرياضات تأثيرا عظيما فى إصلاح الطبيعة وهو امر مهم فى باب السلوك جدا فلا متمسك لارباب الظاهر فى ترك الرياضة مطلقا وقد أشار النبي عليه الصلاة والسلام فى وصاياه لعثمان بن مظعون الى جملة من الأمر فافهم وارشد الى طريق الصواب ولا تفريط ولا افراط فى كل باب لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ اليمين تقوية أحد الطرفين بالمقسم به واللغو فى اليمين الساقط الذي لا يتعلق به حكم وهو عند الامام الأعظم ان يخلف على شىء يظن انه كذلك وليس كما يظن مثل ان يرى الشيء من بعيد فيظن انه كذا فيقول والله انه كذا فاذا هو بخلافه فلا مؤاخذة فى هذا اليمين بإثم ولا كفارة واما الغموس وهى حلفه على امر ماض او حال كذبا عمدا مثل قوله والله لقد فعلت كذا وهو لم يفعله وعكسه ومثل والله ما لهذا على دين وهو يعلم ان له عليه دينا فحكمها الإثم لانها كبيرة قال عليه السلام (من حلف كاذبا ادخله الله النار ولا كفارة فيها الا التوبة) قوله فى ايمانكم صلة يؤاخذكم كما ان باللغو صلة له اى لا يؤاخذكم فى حق ايمانكم بسبب ما كان لغوا منها بان لا يتعلق بها حكم دنيوى ولا اخروى وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ اى بتقيدكم الايمان وتوثيقا بالقصد والنية والمعنى ولكن يؤاخذكم بما عقدتموها إذا حنثتم او بنكث اى نقض ما عقدتم فحذف للعلم به وهذا اليمين هى اليمين المنعقدة وهى الحلف على فعل امر او تركه فى المستقبل فَكَفَّارَتُهُ اى الفعلة التي تذهب إثمه وتستره وعند الامام لا يجوز التكفير قبل الحنث لقوله عليه السلام (من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا فليأت بالذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه) إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ محل من اوسط النصب لانه صفة مفعول محذوف تقديره ان تطعموا عشرة مساكين طعاما كائنا من اوسط ما تطعمون من فى عيالكم من الزوجة والأولاد والخدم اى من اقصده فى النوع او المقدار وهو نصف صاع من بر لكل مسكين كالفطرة ولو اطعم فقيرا واحدا عشرة ايام اجزأه ولو أعطاه دفعة لا يجوز الا عن يوم واحد أَوْ كِسْوَتُهُمْ عطف على اطعام فيكسو كل واحد من العشرة ثوبا يستر عامة بدنه وهو الصحيح ولا يجزئ السراويل لان لابسه يسمى عريانا عرفا أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ اى او اعتاق انسان كيف ما كان مؤمنا كان او كافرا ذكرا او أنثى صغيرا او كبيرا ولا يجوز الأعمى والأصم الذي