المطلوب وامر بقتله فقالت آسية زوجته ايها الملك انه صبى لا يفرق بين الجمر والياقوت فاحضرا بين يدى موسى بان جعل الجمر فى طست والياقوت فى آخر فقصد الى أخذ الجوهر فامال جبرائيل يده الى الجمر فرفعه الى فيه فاحترق لسانه فكانت منه لكنة وعجمة والى هذه القصة أشار العطار قدس سره بقوله
همچوموسى اين زمان در طشت آتش مانده ايم ... طفل فرعونيم ما كام ودهان پر اخكرست
ولعل تبيض يده لما كانت آلة لاخذ الجمر واللحية والنتف فان قيل لم احترق لسان موسى ولم يحترق أصابعه حين قبض على الجمر عند امتحان فرعون قلنا ليكون معجزة بعد رجوعه الى فرعون بالدعوة لانه شاهد احتراقه عنده فيكون دليلا على اعجازه كأنه يقول الكليم أخرجني الله من عندك يا فرعون مغلولا ذا عقدة ثم ردنى إليك فصيحا متكلما وأورثني ذلك ابتلاء من ربى حال كونى صغيرا ان جعلنى كليما مع حضرته حال كونى كبيرا وأورث تناول يدى الى النار آية نيرة بيضاء كشعلة النار فى أعينكم فكل بلاء حسن قال فى الاسئلة المقحمة لما دعا رسى بهذا الدعاء هل انحلت اى كما يدل عليه قوله قال قد أوتيت سؤلك فلماذا قال وأخي هارون هو افصح منى لسانا وقال فرعون فيه ولا يكاد يبين الجواب يجوز ان يكون هارون هو افصح منه مع زوالها وقول فرعون تكلم به على وجه المعاندة والاستصغار كما كما يقول المعاند لخصمه لا تقول شيأ ولا تدرى ما تقول وقالوا لشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وقالوا لهود ما جئتنا ببينة ولنبينا عليه السلام قلوبنا فى اكنة انتهى والى هذا التأويل جنح المولى ابو السعود فى الإرشاد وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً الوزير حباء الملك اى جليسه وخاصتة الذي يحمل ثقله وبعينه برأيه كما فى القاموس فاشتقاقه من الوزير بالكسر الذي هو الثقل لانه يحمل الثقل عن أميره او من الوزر محركة وهو الملجأ والمعتصم لان الأمير يعتصم برأيه ويلجأ اليه فى أموره والمعنى واجعل لى موازرا يعاوننى فى تحمل أعباء ما كلفته مِنْ أَهْلِي من خواصى واقربائى فان الأهل خاصة الشيء ينسب اليه ومنه قوله تعالى إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي واهل الله خاصته كما فى الحديث (ان لله أهلين من الناس اهل القرآن وهم اهل الله) كما فى المقاصد الحسنة وهو صفة لوزير او صلة لا جعل هارُونَ مفعول أول لا جعل قدم عليه الثاني وهو وزيرا للعناية به لان مقصوده الأهم طلب الوزير أَخِي بدل من هارون اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي الأزر القوة والظهر اى احكم به قوتى او قوّ به ظهرى وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي واجعله شريكى فى امر الرسالة حتى نتعاون على أدائها كما ينبغى فان قيل كيف سأل لاخيه النبوة فانما هى باختيار الله تعالى كما قال (الله اعلم حيث يجعل رسالته) قلت ان فى اجابة الله دليلا على ان سؤاله كان بإذن الله وإلهاما منه ولما كان التعاون فى الدين درجة عظيمة طلب ان لا يحصل الا لاخيه وفيها اشارة الى ان صحبة الأخيار وموازرتهم مرغوب للانبياء فضلا عن غيرهم ولا ينبغى ان يكون المرء مستبدا برأيه مغرورا بقوته وشوكته وينبغى ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه ويجوز لنفسه الشريك فى امور المناصب ولا تقدح وزارة هارون فى نبوته وقد كان اكثر أنبياء بنى إسرائيل كذلك اى كان أحدهم موازرا ومعينا للآخر فى تبليغ الرسالة وكان هارون بمصر