للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى خاك چهـ خوش طينت قابل دارى ... كلهاى لطيفست كه در كل دارى

در مخزن كنت كنز هر كنج كه بودى ... تسليم تو كردند كه در دل دارى

ثم فى الآية اشارة الى ان اهل الدعوى والإنكار لا يدركون فضائل الأنبياء والأولياء الى ابد الآباد ولا يرون أنوار الجمال والجلال عليهم فلا يذوقون حلاوة برد الوصال بل يخاطبون من جانب رب العزة بالطرد والابعاد الى يوم المعاد

مدعى خواست كه آيد بتماشا كه راز ... دست غيب آمد وبر سينه نامحرم زد

قالَ الله تعالى بقهره وعزته فَاخْرُجْ مِنْها الفاء لترتيب الأمر على مخالفته وتعليلها بالباطل اى فاخرج يا إبليس من الجنة او من زمرة الملائكة وهو المراد بالأمر بالهبوط لا الهبوط من السماء كما قال البيضاوي فان وسوسته لآدم كانت بعد هذا الطرد يقول الفقير عظم جناية إبليس يقتضى هبوطه من السماء الى الأرض لا التوقف فيها الى زمان الوسوسة واما امر الوسوسة فيجوز ان يكون بطريق الصعود الى السماء ابتلاء من الله تعالى ودخوله الجنة وهو فى السماء ليس باهون من دخوله وهو فى الأرض إذ هو ممنوع من الدخول مطلقا سواء كان فى الأرض او فى السماء الا بطريق الامتحان ثم ان الحكمة الالهية اقتضت ان يخرج إبليس من الخلقة التي كان عليها وينسلخ منها فانه كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته فاسود بعد ما كان ابيض وقبح بعد ما كان حسنا واظلم بعد ما كان نورانيا وكذا حال العصاة مطلقا فانه كما تتغير بواطنهم بسبب العصيان تتغير ظواهرهم ايضا بشؤمه فاذا رأيت أحدا منهم بنظر الفراسة والحقيقة وجدت عليه اثر الاسوداد وذلك ان المعصية ظلمة وصاحبها ظلمانى والطاعة نور وأهلها نورانى فكل يكتسى بكسوة حال نفسه فَإِنَّكَ رَجِيمٌ تعليل للامر بالخروج اى مطرود عن كل خير وكرامة فان من يطرد يرجم بالحجارة اهانه له او شيطان يرجم بالشهب السماوية او الاثيرية والى الثاني ذهب بعض اهل الحقائق وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي اى ابعادى عن الرحمة فان اللعن طرد او ابعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى فى الآخر عقوبة وفى الدنيا انقطاع عن قبول فيضه وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره وتقييدها بالاضافة مع إطلاقها فى قوله تعالى (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) لما ان لعنة اللاعنين من الملائكة والثقلين ايضا من جهته تعالى وانهم يدعون عليه بلعنة الله وابعاده من الرحمة يقول الفقير اللعنة المطلقة هى لعنة الله تعالى فمآل الآيتين واحد ويجوز ان يكون المعنى وان عليك لعنتى على ألسنة عبادى يلعنونك إِلى يَوْمِ الدِّينِ اى يوم الجزاء والعقوبة يعنى ان عليك اللعنة فى الدنيا ولا يلزم من هذا التوقيت انقطاع اللعنة عنه فى الآخرة إذ من كان ملعونا مدة الدنيا ولم يشم رائحة الرحمة فى وقتها كان ملعونا ابديا فى الآخرة ولم يجد اثر الرحمة فيها لكونها ليست وقت الرحمة للكافر وقد علم خلوده فى النار بالنص وكذا لعنه كما قال (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) مع ما ينضم اليه من عذاب آخر ينسى عنده اللعنة والعياذ بالله تعالى قال بعضهم اما طرد إبليس فلعجبه ونظره الى نفسه ليعتبر كل مخلوق بعده قال انا خير منه ويقال طرده وخذله ترهيبا للملائكة ولبنى آدم كى يحذروا مما لا يرضى الله عنه ويحصل لهم العبرة

<<  <  ج: ص:  >  >>