هو مظهر الاسم الرحمن فهو رحمة للعالمين جميعها بحيث لا يخرج أحد من رحمته بحسب قابليته واستعداده. وعبد الرحيم هو مظهر الاسم الرحيم وهو يختص رحمته بمن اتقى وأصلح ورضى الله عنه وينتقم ممن غضب الله عليه. وعبد الرزاق هو الذي وسع الله له رزقه فيؤثر به على العباد. وعبد الوهاب هو الذي تجلى له الحق باسم الجود فيهب ما ينبغى لمن ينبغى على الوجه الذي ينبغى بلا عوض ولا غرض ويمد اهل عنايته تعالى بالامداد جعلنا الله وإياكم من المتحققين بأسمائه الحسنى انه المطلب الأعلى والمقصد الأسنى وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ عطف على الموصوف الاول والبيتوتة خلاف الظلول وهى ان يدركك الليل نمت او لم تنم ولذلك يقال بات فلان قلقا اى مضطربا: والمعنى [بالفارسية عباد الرحمن آنانند كه شب بروز مى آرند] لِرَبِّهِمْ لا لحظ أنفسهم وهو متعلق بما بعده والتقديم للتخصيص مع مراعاة الفاصلة سُجَّداً جمع ساجد اى حال كونهم ساجدين على وجوههم وَقِياماً جمع قائم مثل نيام ونائم او مصدر اجرى مجراه اى قائمين على أقدامهم وتقديم السجود على القيام لرعاية الفواصل وليعلم ان القيام فى الصلاة مقدم مع ان السجدة أحق بالتقديم لما ورد (اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) والكفرة عنها يستكبرون حتى قال بعضهم منهم لا افعلها لانى لا أحب ان تعلو رأسى استى. والمعنى يكونون ساجدين لربهم وقائمين اى يحبون الليل كلا او بعضا بالصلاة كما قال تعالى فى حق المتقين (كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) وتخصيص البيتوتة لان العبادة بالليل أشق وابعد من الرياء وهو بيان لحالهم فى معاملتهم مع ربهم ووصف ليلهم بعد وصف نهارهم وقد اشتهر بقيام الليل كله وصلاة الغداة بوضوء العشاء الاخيرة سعيد ابن المسيب وفضيل بن عياض وابو سليمان الداراني وحبيب العجمي ومالك بن دينار ورابعة العدوية وغيرهم قال فى التأويلات النجمية يبيتون لربهم ساجدين ويصبحون واجدين فوجود صباحهم ثمرات سجود رواحهم كما فى الخبر (من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) اى عظم ماء وجهه عند الله واحسن الأشياء ظاهر بالسجود محسن وباطن بالوجود مزين وكانت حفصة بنت سيرين اخت محمد بن سيرين تقرأ كل ليلة نصف القرآن تقوم به فى الصلاة وكانت تقوم فى مصلاها بالليل فربما طفئ المصباح فيضيئ لها البيت حتى تصبح وكانت من عابدات اهل البصرة وكان أخوها ابن سيرين إذا أشكل عليه شىء من القرآن قال اذهبوا فسلوا حفصة كيف تقرأ وكانت تقول يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب فانى ما رأيت العمل الا فى الشباب وكانت رابعة العدوية تصلى الليل كله فاذا قرب الفجر نامت نومة خفيفة ثم تقوم وتقول يا نفس كم تنامين وكم تقومين يوشك ان تنامى نومة لا تقومين منها الا صبيحة يوم النشور فكان هذا دأبها حتى ماتت وفى الخبر (قم من الليل ولو قدر حلب شاة) ومن حرم قيام الليل كسلا وفتورا فى العزيمة او تهاونا بقلة الاعتداد بذلك او اغترارا بحاله فليبك عليه فقد قطع عليه طريق كثير من الخير. والذي يخل بقيام الليل كثرة الاهتمام بامور الدنيا وكثرة أشغال الدنيا واتعاب الجوارح والامتلاء من الطعام وكثرة الحديث واللهو واللغط وإهمال القيلولة والموفق من يغتنم وقته ويعرف داءه ودواءه ولا يهمل فيهمل يقول الفقير قواه الله القدير على فعل