للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير البخارات الرديئة التي تولد الأدواء وتفسد الغذاء وبين جبل وبريابس صلد ولشدة يبسه لا تنبت فيه خضراء ولا تنفجر فيه عين ماء انتهى وَزُرُوعٍ جمع زرع وهو ما استنبت بالبذر تسمية بالمصدر من زرع الله الحرث إذا أنبته وأنماه قال فى كشف الاسرار وفنون الأقوات وألوان الاطعمة اى كانوا اهل ريف وخصب خلاف حال العرب وَمَقامٍ كَرِيمٍ محافل مزينة ومنازل محسنة وَنَعْمَةٍ اى تنعم ونضارة عيش وبالفارسية واسباب تنعم وبرخوردارى يقال كم ذى نعمة لا نعمة له اى كم ذى مال لا تنعم له فالنعمة بالكسر ما أنعم به عليك والنعمة بالفتح التنعم وهو استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات وبالفارسية بناز زيستن كانُوا فِيها فاكِهِينَ متنعمين متلذذين ومنه الفاكهة وهى ما يتفكه به اى يتنعم ويتلذذ بأكله كَذلِكَ الكاف فى حيز النصب وذلك اشارة الى مصدر فعل يدل عليه تركوا اى مثل ذلك السلب سلبناهم إياها وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ فهو معطوف على الفعل المقدر وايراثها تمليكها مخلفة عليهم او تمكينهم من التصرف فيها تمكين الوارث فيما يرثه اى جعلنا اموال القبط لقوم ليسوا منهم فى شىء من قرابة ولا دين ولا ولاء وهم بنوا إسرائيل كانوا مسخرين لهم مستعبدين فى أيديهم فأهلكهم الله وأورثهم ديارهم وملكهم وأموالهم وقيل غيرهم لانهم لم يعودوا الى مصر قال قتادة لم يرو فى مشهور التواريخ انهم رجعوا الى مصر ولا ملكوها قط ورد بأنه لا اعتبار بالتواريخ فالكذب فيها كثير والله تعالى أصدق قيلا وقد جاء فى الشعراء التنصيص بايراثها بنى إسرائيل كذا فى حواشى سعدى المفتى قال المفسرون عند قوله تعالى عسى ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض اى يجعلكم خلفاء فى ارض مصر أو فى الأرض المقدسة وقالوا فى قوله تعالى وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها اى ارض الشام ومشارقها ومغاربها جهاتها الشرقية والغربية ملكها بنوا إسرائيل بعد الفراعنة والعمالقة بعد انقضاء مدة التيه وتمكنوا فى نواحيها فاضطرب كلامهم فتارة حملوا الأرض على ارض مصر واخرى على ارض الشام والظاهر الثاني لان المتبادر استخلاف انفس المستضعفين لا أولادهم ومصر انما ورثها أولادهم لانها فتحت فى زمان داود عليه السلام ويمكن ان يحمل على ارض الشام ومصر جميعا والمراد بالمستضعفين هم وأولادهم فان الأبناء ينسب إليهم ما ينسب الى الآباء والله اعلم وفى الآية اشارة الى ترك بحر الفضل رهوا اى مشقوقا بعصا الذكر لان فرعون النفس وصفاتها فانون فى بحر الوحدة تاركون لجنات الشهوات وعيون المستلذات الحيوانية وزروع الآمال الفاسدة والمقامات الروحانية بعبورهم عليها وسائر تنعمات الدنيا والآخرة بالسير والاعراض عنها وبقوله كذلك وأورثنا الى إلخ يشير ان الصفات النفسانية وان فنيث بتجلى الصفات الربانية فمهما يكن القالب باقيا بالحياة يتولد منه الصفات النفسانية الى ان تفنى هذه الصفات بالتجلى ايضا ولو لم تكن هذه المتولدات ما كان للسائر الترقي فافهم جدا فانه بهذا الترقي يعبر السائر عن المقام الملكي لانه ليس للملك الترقي من مقامه كما قال تعالى وما منا إلا له مقام معلوم فالكمال الملكي دفعى ثم لا ترقى بعده والكمال البشرى تدريجى ولا ينقطع سيره ابدا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة والله

<<  <  ج: ص:  >  >>