للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمان وحشة والعاقل من اختار الوحدة قال عليه السلام لا صحابه (اين تنبت الحبة) قالوا فى الأرض قال (فكذلك الحكمة انما تنبت فى قلب مثل الأرض) فدفن حبة الفؤاد والوجود فى ارض الخمول مما ينتج ويتم نتاجه جدا فما نبت مما لم يدفن لم يتم نتاجه وان ظهر نوره وانتاجه كالذى نبت فى حميل السيل. فعليك بتزكية النفس وإصلاح الوجود كى تدرك نور الشهود وتقبل الى الاستقامة وتخلص من الزيغ والضلال فى جميع الأحوال وكم من زائع قلبه وهو صورة مستقيم وكم من مستقيم فؤاده وهو فى الظاهر غير مستقيم: كما قيل

بس قامت خاشاك كه بر جا باشد ... چون باد بر آنها بوزد نا باشد

والقلب هو محل النظر لا الصورة كما قال عليه السلام (ان الله لا ينظر الى صوركم بل الى قلوبكم وأعمالكم) فأى فائدة فى القلب الزائغ عن الحق فنعوذ بالله منه إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ اى لن تنفعهم أَمْوالُهُمْ التي يبذلونها فى جلب المنافع ودفع المضار قدم الأموال على الأولاد لانها أول عدة يفزع إليها عند نزول الخطوب وَلا أَوْلادُهُمْ الذين بهم يتناصرون فى الأمور المهمة وعليهم يعولون فى الخطوب الملمه وتوسيط حروف النفي لعراقة الأولاد فى كشف الكروب مِنَ اللَّهِ اى عذابه تعالى شَيْئاً اى شيأ من الإغناء ومعناه لا يصرف عنهم كثرة الأموال والأولاد والتناصر بهما عذابه وكانوا يقولون نحن اكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين قال تعالى فى ردهم وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً أُولئِكَ اى أولئك المتصفون بالكفر هُمْ وَقُودُ النَّارِ حطب النار وحصبها الذي تسعربه كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ الدأب مصدر دأب فى العمل إذا كدح فيه وتعب غلب استعماله فى معنى الشان والحال والعادة ومحل الكاف الرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف اى دأب هؤلاء فى الكفر وعدم النجاة من أخذ الله تعالى وعذابه كدأب آل فرعون وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى آل فرعون من الأمم الكافرة كقوم نوح وثمود وقوم لوط وهو عطف على ما قبله كَذَّبُوا بِآياتِنا بيان وتفسير لدأبهم الذي فعلوا على الاستئناف المبنى على السؤال كأنه قيل كيف كان دأبهم فقيل كذبوا بآياتنا اى بكتبنا ورسلنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ تفسير لدأبهم الذي فعل بهم اى فأخذهم الله تعالى وعاقبهم ولم يجدوا من بأس الله تعالى محيصا فدأب هؤلاء الكفرة ايضا كدأبهم والذنب فى الأصل التلو والتابع وسميت الجريمة ذنبا لانها تتلو اى يتبع عقابها فاعلها وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن كفر بالآيات والرسل قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا المراد بهم اليهود لما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ان يهود المدينة لما شاهدوا غلبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين يوم بدر قالوا والله انه النبي الأمي الذي بشرنا به موسى وفى التوراة نعته وهموا باتباعه فقال بعضهم لا تعجلوا حتى ننظر الى وقعة له اخرى فلما كان يوم أحد شكوا وقد كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد الى مدة فنقضوه وانطلق كعب بن الأشرف فى ستين راكبا الى اهل مكة فاجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت سَتُغْلَبُونَ البتة عن قريب فى الدنيا وقد صدق الله وعده بقتل بنى قريظة واجلاء بنى النضير وفتح خيبر وضرب الجزية على من

<<  <  ج: ص:  >  >>