ومن لم يجئ فليس عليه شىء ويقول مضيف آخر من جاء الى أكرمته ومن لم يجئ ضربته وحبسته ليتبين غاية كرمه وهو أكمل وأتم من الكرم الاول والله تعالى دعا الخلق الى دعوته بقوله وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ ثم دفع السيف الى رسوله فقال من لم يجب ضيافتى فاقتله فعلى العاقل ان يجيب دعوة الله ويرجع الى الله بحسن اختياره فانه هو المقصود والكعبة الحقيقية وكل القوافل سائرة اليه واعلم ان البلد هو الصورة الجسمانية والكعبة القلب والطواف الحقيقي هو طواف القلب بحضرة الربوبية وان البيت مثال ظاهر في عالم الملك لتلك الحضرة التي لا تشاهد بالبصر وهو في عالم الملكوت كما ان الهيكل الإنساني مثال ظاهر في عالم الشهادة للقلب الذي لا يشاهد بالبصر وهو في عالم الغيب والذي يقدر من العارفين على الطواف الحقيقي القلبي هو الذي يقال في حقه ان الكعبة تزوره وفي الخبر (ان لله عبادا تطوف بهم الكعبة) وفرق بين من يقصد صورة البيت وبين من يقصد رب البيت- وروى- ان عارفا من اولياء الله تعالى قصد الحج وكان له ابن فقال ابنه الى اين تقصد فقال الى بيت الله فظن الغلام ان من يرى البيت يرى رب البيت قال يا ابى لم لا تحملني معك فقال أنت لا تصلح لذلك فبكى الغلام فحمله معه فلما بلغا الميقات احرما ولبيا ودخلا الحرم فلما شوهد البيت تحرم الغلام عند رؤيته فخر ميتا فدهش والده وقال اين ولدي وقطعة كبدى فنودى من زاوية البيت أنت طلبت البيت فوجدته وهو طلب رب البيت فوجد رب البيت فرفع الغلام من بينهم فهتف هاتف انه ليس في حيز ولا في الأرض ولا في الجنة بل هو في مقعد صدق عند مليك مقتدر فمن اعرض سره عن الجهة في توجهه الى الله صار الحق قبلة له فيكون هو قبلة الجميع كآدم عليه السلام كان قبلة الملائكة لانه وسيلة الحق بينه وبين ملائكته لما عليه من كسوة جماله وجلاله قال الشيخ العطار قدس سره في منطق الطير
حق تعالى گفت آدم غير نيست ... كور چشمى وترا اين سير نيست
شد نفخت فيه من روح آشكار ... سر جانان گشت بر خاك استوار
وقال في محل آخر
از دم حق آمدى آدم تويى ... اصل كرمنا بنى آدم تويى
قبله كل آفرينش آمدى ... پاى تا سر عين بينش آمدى
اللهم أوصلنا الى العين وخلصنا من البين وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ حكاية حال ماضية حيث عبر بلفظ المضارع عن الرفع الواقع في الزمان المتقدم على زمان نزول الوحى بان يقدر ذلك الرفع السابق واقعا في الحال كأنك تصوره للمخاطب وتريه على وجه المشاهدة والعيان والقواعد جمع قاعدة وهي في الأصل صفة بمعنى الثابتة ثم صارت بالغلبة من قبيل الأسماء بحيث لا يذكر لها موصوف ولا يقدر ولعل لفظ القعود حقيقة في الهيئة المقابلة للقيام ومستعار للثبات والاستقرار تشبيها له بها في ان كلا منهما حالة مباينة للانتقال والنزول وقوله من البيت حال من القواعد وكلمة من ابتدائية لا بيانية لعدم صحة ان يقال التي هي البيت فان قلت رفع الشيء ان يفصل عن الأرض ويجعل عاليا مرتفعا والأساس ابدا ثابت على