ايضا من الأقطار الشاسعة حتى انه يجتمع فيه الفواكه الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ بدل من اهله والمعنى وارزق المؤمنين خاصة قالَ الله تعالى وَمَنْ كَفَرَ معطوف على محذوف اى ارزق من آمن ومن كفر قاس ابراهيم عليه الصلاة والسلام الرزق على الامامة حيث سأل الرزق لاجل المؤمنين خاصة كما خص الله تعالى الامامة بهم في قوله تعالى لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فلما رد سؤاله الامامة في حق ذريته على الإطلاق حسب ان يرد سؤاله الرزق في حق اهل مكة على الإطلاق فلذلك قيد بالايمان تأدبا بالسؤال الاول فنبه سبحانه على ان الرزق رحمة دنيوية تعم المؤمن والكافر بخلاف الامامة والتقدم فَأُمَتِّعُهُ اى أمد له ليتناول من لذات الدنيا اثباتا للحجة عليه قَلِيلًا اى تمتيعا قليلا فان الدنيا بكليتها قليلة وما يتمتع الكافر به منها قليل من القليل فان نعمته تعالى فى الدنيا وان كانت كثيرة باضافة بعضها الى بعض فانها قليلة بإضافتها الى نعمة الآخرة وكيف لا يقل ما يتناهى بالاضافة الى ما لا يتناهى فقليلا صفة مصدر محذوف ويجوز ان يكون صفة ظرف محذوف اى أمتعة زمانا قليلا وهو مدة حياته ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ الاضطرار فى اللغة حمل الإنسان على ما يضره وهو في المتعارف حمل الإنسان بكفره على ان يفعل ما اكره عليه باختياره ترجيحا لكونه أهون الضررين فلا شىء أشد من عذاب النار حتى يكره الكفار به ليختاروا عذاب النار لكونه أهون منه فلا يكون اضطرارهم الى عذاب النار مستعملا في معناه العرفي فهو مستعار للزهم والصاقهم به بحيث يتعذر عليهم التخلص منه كما قال تعالى يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ فانه صريح في ان لا مدخل لهم في لحوق عذاب الآخرة بهم ولا اختيار الا انهم سموا مضطرين اليه مختارين إياه على كره تشبيها لهم بالمضطر الذي لا يملك الامتناع عما اضطر اليه فالمعنى الزه اليه لز المضطر لكفره وتضييعه ما متعته به من النعم بحيث لا يمكنه الامتناع منه وَبِئْسَ الْمَصِيرُ المخصوص بالذم محذوف اى بئس المرجع الذي يرجع اليه للاقامة فيه النار او عذابها فللعبد في هذه الدنيا الفانية الامهال أياما دون الإهمال إذ كل نفس تجزى بما كسبت ولا تغرنك الزخارف الدنيوية فان للمطيع والعاصي نصيبا منها
وليس ذلك من موجبات الرفعة في الآخرة: قال الحافظ
بمهلتى كه سپهرت دهد ز راه مرو ... ترا كه گفت كه آن زال ترك دستان گفت
قال تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ قال سهل في معنى هذه الآية نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها فاذا ركنوا الى النعمة وحجبوا عن المنعم أخذوا وقال ابو العباس بن عطاء يعنى كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وانسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة فعلى العاقل ان لا يغتر بالزخارف الدنيوية بل لا يفرح بشئ سوى الله تعالى فان ما خلا الله باطل وزائل والاغترار بالزائل الفاني ليس من قضية كمال العقل والفهم والعرفان فان قلت ما الحكمة فى امهال الله العصاة في الدنيا قيل ان الله تعالى أمهل عباده ولم يأخذهم بغتة في الدنيا ليرى العباد سبحانه وتعالى ان العفو والإحسان أحب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه ولهذا خلق النار كرجل يضيف الناس ويقول من جاء الى ضيافتى أكرمته