الأربع التي يعتاد هجوم العدو منها مثل قصده إياهم للتسويل والإضلال من أي وجه يتيسر بإتيان العدو من الجهاد الأربع ولذلك لم يذكر الفوق والتحت وانما عدى الفعل الى الأولين بحرف الابتداء لانه منهما متوجه إليهم والى الآخرين بحرف المجاوزة فان الآتي منهما كالمنحرف المتجافى عنهم المار على عرضهم وجانبهم كما تقول جلست عن يمينه إذا جلست متجافيا عن جانب يمينه غير ملاصق له فكأنك انحرفت عنه وتجاوزت وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ اى مطيعين وفى التفسير الفارسي [يعنى كافران باشند كه منعم را نشناسد] وانما قال ظنا لا علما لقوله تعالى وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ لما رأى فيهم مبدأ الشر متعددا وهو الشهوة والغضب ومبدأ الخير واحدا وهو العقل: قال السعدي قدس سره
نه إبليس در حق ما طعنه زد ... كزينان نيايد بجز كار بد
فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست
چوملعون پسند آمدش قهر ما ... خدايش بر انداخت از بهر ما
كجا سر بر آريم ازين عاروننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ
قالَ الله تعالى لابليس اخْرُجْ مِنْها اى من الجنة حال كونك مَذْؤُماً اى مذموما من ذأمه إذا ذمه فالذام من المهموز العين والذم من المضاعف كلاهما بمعنى واحد وهو التعييب البليغ مَدْحُوراً اى مطرودا فاللعين مطرود من الجنة ومن كل خير لعجبه ونظره الى نفسه ففيه عبرة لكل مخلوق بعده لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ اللام لتوطئة القسم ومن شرطية ومعناه بالفارسية [بخداى كه هر كه در پى تو بيايد از أولاد آدم لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ جواب القسم وهو ساد مسد جواب الشرط ومعنى منكم اى منك ومن ذريتك ومن كفار ذرية آدم وفى الحديث (تحاجت النار والجنة فقالت هذه يدخلنى الجبارون المتكبرون وقالت هذه يدخلنى الضعفاء والمساكين فقال الله تعالى لهذه أنت عذابى أعذب بك من أشاء وقال لهذه أنت رحمتى ارحم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها) والتابعون للشيطان هم الذين يأتيهم من الجهاد الأربع المذكورة فيقبلون منه ما امره فليحذر العاقل عن متابعته وليجتهد فى طاعة الله وعبادته حتى لا يدخل النار مع الداخلين وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة رفع الى كل مؤمن رجل من اهل الملل فقيل هذا فداؤك من النار) وفى هذا الحديث دليل على كمال لطف الله بعباده وكرامتهم عليه حيث فدى أولياءه باعدائه ويحتمل ان يكون معنى الفداء ان الله تعالى وعد النار ليملأها من الجنة والناس فهى تستنجز الله موعده فى المشركين وعصاة المؤمنين فيرضيها الله تعالى بما يقدم إليها من الكفار فيكون ذلك كالمفاداة عن المؤمنين وقال بعضهم معناه ان المؤمنين يتوقون بالكفار من نفح النار إذا مروا على الصراط فيكونون وقاية وفداء لاهل الإسلام قال بعضهم رأيت أبا بكر بن الحسين المقري فى المنام فى الليلة التي دفن فيها فقلت له ايها الأستاذ ما فعل الله بك قال ان الله تعالى اقام أبا الحسن العامري صاحب الفلسفة فدائى وقال هذا فداؤك من النار وقد كان ابو الحسن توفى فى الليلة التي توفى فيها أبو بكر المقري وفى الحديث (يجيىء يوم القيامة ناس من المسلمين