للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يصرفهم ذلك عن دينهم حتى ان الرجل كان يوضع على رأسه المنشار فيشق فلقتين ويمشط الرجل بأمشاط الحديد بما دون العظم من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه وايم الله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب منكم من صنعاء الى حضرموت لا يخشى الا الله والذئب على غنمه ولكنكم تعجلون) قالوا كل نبى بعث الى أمته اجهد حتى قال متى نصر الله ووقع ذلك للرسول عليه السلام حين وقع له ضجر شديد قبل فتح مكة فقال في يوم الأحزاب حيث لم يبق لاصحابه صبر حتى ضجوا وطلبوا النصرة فارسل الله ريحا وجنودا وهزم الكفار بهما. ومن شدائده عليه السلام غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد وشدة الخوف والبرد وضيق العيش وانواع الأذى كما قال تعالى وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ولو اطلعت على ما أصابهم من عداوة اليهود واسرار النفاق وأذى القوم يمينا وشمالا ببذل المجهود حين هاجروا الى المدينة لكفى ذلك عبرة في هذا الباب فنحن اولى بمقاساة أمثال هذه الشدائد خصوصا في هذا الزمان الذي لا تجد بدا من طعن الناس وإذا هم إذ البلاء على الأنبياء ثم على الأولياء تم الأمثل فالامثل

غبار لازمه آسيا بود صائب ... أمان ز حادثه آسمان چهـ ميخواهى

قال في التأويلات النجمية عند قوله تعالى كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً الآية الخصال الذميمة التي عليها اكثر الناس كلها عارضة لهم فانهم كانوا حين أشهدهم الله على أنفسهم امة واحدة وولد وأعلى الفطرة لقوله عليه السلام (كل مولود يولد على فطرة الإسلام فأبواه يهود انه أو ينصرانه او يمجسانه) وما قال عليه السلام او يسلمانه لمعنيين. أحدهما ان الكفر يحصل بالتقليد ولكن الايمان الحقيقي لا يحصل به. والثاني ان الأبوين الأصلين هما الأنجم والعناصر فعلى التقديرين الولد بتربية الآباء والأمهات يضل عن سبيل الحق ويزل قدمه عن الصراط المستقيم التوحيد والمعرفة ولو كان نبيا يحتاج الى هاد يهدى الى الحق كما قال تعالى لنبينا صلى الله عليه وسلم (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) ولكل من السعادة والشقاوة كتاب كما قال عليه السلام (ما من نفس الا وقد كتب في كتابها من اهل الجنة او النار وكتب شقية او سعيدة) فقالوا أفلا نتكل على كتابنا يا رسول الله وندع العمل قال (اعملوا فكل ميسر لما خلق له اما اهل الشقاوة فييسرون لعمل اهل الشقاوة واما اهل السعادة فييسرون لعمل اهل السعادة) فلا بد من مقاساة بأساء الترك والتجريد والفقر والافتقار حتى يحصل دخول جنة الجمال ودار القرار فلم يضجروا من طول مدة الحجاب وكثرة الجهاد في الفراق وعيل صبرهم عن مشاهدة الجمال وذوق الوصال وطلبوا نصر الله بالتجلى على قمع صفات النفوس مع قوة مصابرتهم وحسن تحملهم لما يقول المحبوب ويريد بهم حتى جاء نصر الله فرفع الحجاب وظهر أنوار الجمال يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ اى أي شىء يتصدقون به من اصناف أموالهم نزلت حين حث النبي عليه السلام على التصدق في سبيل الله وسأل عمرو بن الجموح وهو شيخ همّ أي فان وله مال عظيم فقال ماذا ننفق يا رسول الله من أموالنا واين نضعها قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ اى أي شىء أنفقتم من أي خير كان وهو بيان للمنفق والمال يسمى خيرا لان حقه ان يصرف الى جهة الخير فصار بذلك كأنه نفس الخير فَلِلْوالِدَيْنِ فان قلت كيف طابق الجواب السؤال وهم قد سألوا عن بيان ما ينفقون وأجيبوا ببيان المصرف قلت قد تضمن قوله ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ بيان ما ينفقونه

<<  <  ج: ص:  >  >>