اليمين حتى لم يبق لى طاقة على المشي من الجوع والعطش فوقعت على الرمل فأيست من الحياة وليس معى أحد الا الله فقيل لى فى سمعى قول الشاعر
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... بكون وراءه فرج قريب
ثم ان الله تعالى فرج عنى بعد ساعات بما يطول بيانه بل يجب خفاؤه وهو الولي الحميد وَمِنْ آياتِهِ اى دلائل قدرته تعالى خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ على ما هما عليه من تعاجيب الصنائع فانها بذاتها او صفاتها تدل على شؤونه العظيمة قال فى الحواشي السعدية قوله فانها اشارة الى ما تقرر فى الكلام من المسالك الاربعة فى الاستدلال على وجود الصانع تعالى حدوث الجواهر وإمكانها وحدوث الاعراض القائمة بها وإمكانها ايضا وفيه اشارة الى ان خلق السموات من اضافة الصفة الى الموصوف اى السموات المخلوقة انتهى وَما بَثَّ فِيهِما عطف على السموات او الخلق ومعنى بث فرق يعنى پراكنده كرده وقال الراغب اصل البث اثارة الشيء وتفريقه كبث الريح التراب وبث النفس ما نطوت عليه من الغم والسرور وقوله وبث اشارة الى إيجاده تعالى ما لم يكن موجودا وإظهاره إياه مِنْ دابَّةٍ حى على اطلاق اسم المسبب على السبب اى الدبيب مجازا أريد به سببه وهو الحياة فتكون الدابة بمعنى الحي فتتناول الملائكة ايضا لأن الملائكة ذووا حركت طيارون فى السماء وان كانوا لا يمشون على الأرض ويجوز أن يكون المعنى مما تدب على الأرض فان ما يختص بأحد الشيئين المجاورين يصح نسبته إليهما يعنى ما يكون فى أحد الشيئين يصدق انه فيهما فى الجملة كما فى قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وانما يخرج من الملح وقد جوزان يكون للملائكة مشى مع الطيران فيوصفون بالدبيب وان يخلق الله فى السماء حيوانات يمشون فيها مشى الأناسي على الأرض كما ينبىء عنه قوله تعالى ويخلق ما لا تعلمون وقد روى ان النبي عليه السلام قال فوق السابعة بحربين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك ثمانية او عال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض ثم فوقه العرش العظيم يقول الفقير يقول الفقير ان للملائكة أحوالا شتى وصورا مختلفة لا يقتضى موطنهم الحصر فى شىء من المشي والطيران فطير انهم اشارة الى قوتهم فى قطع المسافة وان كان ذلك لا ينافى ان يكون لهم اجنحة ظاهرة فلهم اجنحة يطيرون بها ولهم ارجل يمشون بها والله اعلم وَهُوَ تعالى عَلى جَمْعِهِمْ اى حشر الأجسام بعد البعث للمحاسبة إِذا يَشاءُ فى اى وقت يشاء قَدِيرٌ متمكن منه يعنى تواناست ومتمكن از ان وغير عاجز در ان قوله هو مبتدأ وقدير خبره وعلى جمعهم متعلق بقدير وإذا منصوب بجمعهم لا بقدير لفساد المعنى فان المقيد بالمشيئة جمعه تعالى لا قدرته وإذا عند كونها بمعنى الوقت كما تدخل على الماضي تدخل على المضارع قال تعالى والليل إذا يغشى وفى الآية اشارة الى سموات الأرواح وارض الأجساد وما بث فيهما من دابة النفوس والقلوب فلا مناسبة بين كل واحد منهم فان بين الأرواح والأجساد بونا بعيدا فى الفناء لان الجسد من أسفل سافلين والروح من أعلى عليين والنفس تميل الى الشهوات الحيوانية الدنيوية والقلب يميل الى الشواهد الروحانية الاخروية الربانية وهو على جمعهم على طلب الدنيا وزينتها وعلى طلب الآخرة ودرجاتها وعلى طلب الحضرة وقرباتها إذا يشاء قدير والحشر على انواع عام وهو خروج