يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ قراءة ظاهرة مسرورين وينتفعون بما فيه من الحسنات ولم يذكر الأشقياء وان كانوا يقرأون كتبهم ايضا لانهم إذا قرأوا ما فيها لم يفصحوا به خوفا وحياء وليس لهم شىء من الحسنات ينتفعون به وَلا يُظْلَمُونَ اى لا ينقصون من أجور أعمالهم المرتسمة فى كتبهم بل يؤتونها مضاعفة فَتِيلًا اى قدر فتيل وهو ما يفتل بين إصبعين من الوسخ او القشرة التي فى شق النواة او ادنى شىء فان الفتيل مثل فى القلة والحقارة وَمَنْ [وهر كه] اى من المدعوين المذكورين كانَ فِي هذِهِ الدنيا أَعْمى أعمى القلب لا يهتدى الى رشده. يعنى [دلش راه صواب نه بيند] فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لا يرى طريق النجاة لان العمى الاول موجب للثانى فالكافر لا يهتدى الى طريق الجنة والعاصي الى ثواب المطيع والقاصر الى مقامات الكاملين وَأَضَلُّ سَبِيلًا من الأعمى فى الدنيا لزوال الاستعداد وتعطل الأسباب والآلات وفقدان المهلة قال فى التأويلات النجمية فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فهو اهل السعادة من اصحاب اليمين وفيه اشارة الى ان السابقين الذين هم اهل الله تعالى لا يؤتون كتابهم كما لا يحاسبون حسابهم فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ لانهم اصحاب البصيرة والقراءة والدراية وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا فى جزاء أعمالهم الصالحة وفيه اشارة الى ان اهل الشقاوة الذين هم اصحاب الشمال لا يقرأون كتابهم لانهم اصحاب العمى والجهالة وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى اى فى هذه القراءة والدراية بالبصيرة أعمى فى الدنيا لقوله فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ الآية فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لانه يوم تبلى السرائر تجعل الوجوه من السرائر فمن كان فى سريرته أعمى هاهنا يكون ثمة فى صورته أعمى للمبالغة لان عمى السريرة هاهنا كان قابلا للتدارك وقد خرج ثمة الأمر من التدارك فيكون أعمى عن رؤية الحق وَأَضَلُّ سَبِيلًا فى الوصول اليه لفساد الاستعداد وإعواز التدارك انتهى يقول الفقير ان قلت هل يحصل الترقي والتيقظ لبعض الافراد بعد الموت الصوري قلت ان السالك الصادق فى طلبه إذا سافر من مقام طبيعته ونفسه فمات فى الطريق اى بالموت الاضطراري قبل ان يصل الى مراده بالموت الاختياري فله نصيب من اجر الواصلين واليه الاشارة بقوله تعالى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ كما قال بعض الكبار من مات قبل الكمال فمراده يجيئ اليه كما ان من مات فى طريق الكعبة يكتب له اجر حجين انتهى أشار الى ان الله تعالى قادر على ان يكمله فى عالم البرزخ بواسطة روح من الأرواح او بالذات فيصير امره بعد النقصان الموهوم الى الكمال المعلوم وقد ثبت فى الشرع ان الله تعالى يوكل ملكا لبعض عباده فى القبر فيقرئه القرآن ويعلمه اى ان كان قد مات أثناء التعلم. واما غير السالك فلا يجد الترقي بعد الموت اى بالنسبة الى معرفة الحق إذ من المتفق شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان فى هذه النشأة وهذه الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة كما فى الفكوك فما يدل على عدم الترقي بعد الموت من قوله تعالى وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى انما هو بالنسبة الى معرفة الحق لا لمن لا معرفة له أصلا فانه إذا انكشف الغطاء ارتفع العمى بالنسبة الى دار الآخرة ونعيمها وجحيمها والأحوال التي فيها