للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ان دون ذلك صفة لموصوف محذوف مرفوع على الابتداء. وقوله منهم خبر قدم عليه قال التفتازانيّ قد شاع فى الاستعمال وقوع المبتدأ والخبر ظرفين واستمر النحاة على جعل الاول خبرا والثاني مبتدأ بتقدير موصوف دون العكس وان كان ابعد من جهة المعنى والتأخير بالخبر اولى وكأنهم يرون المصير الى ان الحذف فى أوانه اولى انتهى وذلك اشارة الى الصلاح المدلول عليه بقوله الصالحون بتقدير المضاف ليصح المعنى اى ومنهم دون اهل ذلك الصلاح منحطون عنهم وهم كفرتهم وفسقتهم وجوز بمعنى أولئك فالاشارة الى الصالحين وقد ذكر النحويون ان اسم الاشارة المفرد قد يستعمل للمثنى والمجموع كذا فى حواشى سعدى چلبى وَبَلَوْناهُمْ اى عاملناهم معاملة المبتلى المختبر بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ بالنعم والنقم حيث فتحنا عليهم تارة باب الخصب والعافية وتارة باب الجدب والشدائد لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ينتهون فيرجعون عما كانوا عليه من الكفر والمعاصي فان كل واحد من الحسنات والسيئات يدعو الى الطاعة اما الحسنات فللترغيب فيها واما السيئات فللترهيب عن المعصية قال الكاشفى [ايشانرا در نعمت شكر بايست كرد بطر واستغنا ظاهر كردند وگفتند ان الله فقير ونحن اغنياء ودر محنت صبرى بايست كرد آغاز ناسزا كردند وكفتند يد الله مغلولة بر محك اختبار تمام عيار بيرون نيامدند]

خوش بود كر محك تجربه آيد بميان ... تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد

وفى التأويلات النجمية وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ اى بكثرة الطاعات ورؤيتها والعجب بها كما كان حال إبليس وَالسَّيِّئاتِ اى المعاصي ورؤيتها والندامة عليها والتوبة منها والخوف والخشية من ربهم كما كان حال آدم عليه السلام رجع الى الله تعالى وقال رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد المذكورين خَلْفٌ اى بدل سوء وهم الذين كانوا فى عصر النبي صلى الله عليه وسلم الذين خلفوا من اليهود الذين فرقهم الله فى الأرض امما موصوفين بانهم منهم الصالحون ومنهم دون ذلك. والخلف مصدر نعت به ولذلك يقع على الواحد والجمع يقال خلف فلان فلانا إذا كان خليفته وخلفه فى قومه خلافة اى قام مقامه فى تدبير احوال قومه قال ابن الاعرابى الخلف بفتح اللام الصالح وبإسكان اللام الصالح ومنه قيل لرديىء الكلام خلف وقال محمد بن جرير اكثر ما جاء فى المدح بفتح اللام وفى الذم بتسكينها وقد يحرك فى الذم ويسكن فى المدح قال واحسبه فى الذم مأخوذا من خلف اللبن إذا حمض من طول تركه فى السقاء حتى يفسد ومنه قولهم خلف فم الصائم إذا تغيرت ريحه وفسدت فكان الرجل الفاسد مشبه به والحاصل ان كليهما يستعملان فى الشر والخير الا ان اكثر الاستعمال فى الخير بالفتح كذا فى تفسير الحدادي وَرِثُوا الْكِتابَ اى التوراة من أسلافهم يقرأونها ويقفون على ما فيها. والميراث ما صار للباقى من جهة الهالك وهو فى محل الرفع على انه نعت لقوله خلف يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى استئناف اى يأخذون حطام هذا الشيء الأدنى يعنى الدنيا وهو من الدنو اى القرب سميت هذه الدار وهذه الحياة دنيا لدنوها وكونها عاجلة يقال دنوت منه دنوا اى قربت والداني القريب او من الدناءة يقال دنا الرجل دناءة اى صار

<<  <  ج: ص:  >  >>