للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير العذاب وهو الرحمة والعفو وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا بان ينقله من المكذبين الى غيرهم [والتحويل: بگردانيدن] ونفى وجدان التبديل والتحويل عبارة عن نفى وجودهما بالطريق البرهاني وتخصيص كل منهما بنفي مستقل لتأكيد انتفائهما وفى الآية تنبيه على ان فروع الشرائع وان اختلفت صورها فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول الى ثواب الله وجواره كما فى المفردات أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ الهمزة للانكار والنفي والواو للعطف على مقدر اى اقعد مشركوا مكة فى مساكنهم ولم يسيروا ولم يمضوا فى الأرض الى جانب الشام واليمن والعراق للتجارة فَيَنْظُرُوا بمشاهدة آثار ديار الأمم الماضية العاتية كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ جاؤا مِنْ قَبْلِهِمْ اى هلكوا لما كذبوا الرسل وآثار هلاكهم باقية فى ديارهم وَكانُوا اى والحال ان الذين من قبلهم كعاد وثمود وسبأ كانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً [سخترين از مكيان از روى توانايى] وأطول أعمارا فما نفعهم طول المدى وما اغنى عنهم شدة القوى وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ [الاعجاز: عاجز كردن] واللام ومن لتأكيد النفي والمعنى استحال من كل الوجوه ان يعجز الله تعالى شىء ويسبقه ويفوته فِي السَّماواتِ وَلا تأكيد آخر لما النافية ففى هذا الكلام ثلاثة تأكيدات فِي الْأَرْضِ [پس هر چهـ خواهد كند وكسى بر حكم او پيشى نكيرد] إِنَّهُ تعالى كانَ عَلِيماً بليغ العلم بكل شىء فى العالم مما وجد ويوجد قَدِيراً بليغ القدرة على كل ممكن ولذلك علم بجميع أعمالهم السيئة فعاقبهم بموجبها فمن كان قادرا على معاقبة من قبلهم كان قادرا على معاقبتهم إذا كانت أعمالهم مثل أعمالهم والآية وعظ من الله تعالى ليعتبروا

نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند

پند كير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند

والاشارة انه ما خاب له تعالى ولى ولا ربح له عدو فقد وسع لاوليائه فضلا كثيرا ودمر على أعدائه تدميرا وسبب الفضل والولاية هو التوحيد كما ان سبب القهر والعداوة هو الشرك قال بعض الكبار ما أخذ الله من أخذ من الأمم الا فى آخر النهار كالعنين وذلك لان اسباب التأثير الإلهي المعتاد فى الطبيعة قد مرت عليه وما اثرت فيه فدل على ان العنة فيه استحكمت لا تزول فلما عدمت فائدة النكاح من لذة وتناسل فرق بينهما إذ كان النكاح موضوعا للالتذاذ او للتناسل أولهما معا او فى حق طائفة لكذا وفى حق اخرى لكذا وفى حق اخرى للمجموع وكذلك اليوم فى حق من أخذ من الأمم إذا انقضت دورته وقع الاخذ الإلهي فى آخره انتهى كلامه قدس سره واعلم ان الله تعالى أمهل عباده ولم يأخذهم بغتة ليروا ان العفو والإحسان أحب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه وان رحمته سبقت غضبه ثم انهم إذا لم يعرفوا الفضل من العدل واللطف من القهر والجمال من الجلال أخذهم فى الدنيا والآخرة بانواع البلاء والعذاب وهى تطهير فى حق المؤمن وعقوبة محضة فى حق الكافر لانه ليس من اهل التطهير إذ التطهير انما يتعلق بلوث المعاصي غير الكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>