للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهل وبالعكس والعاقل من الأحمق وبالعكس والاشارة يخرج نخل الايمان من نوى الحروف الميتة فى كلمة الا اله الا الله ومخرج ميت النفاق من الكلمة الحية وهى لا اله الا الله ذلِكُمُ القادر العظيم الشأن اللَّهَ المستحق للعبادة وحده فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فكيف تصرفون عن عبادته الى غيره ولا سبيل اليه أصلا. والافك فى اللغة قلب الشيء وصرفه والخطاب لكفار قريش لان السورة مكية فالِقُ الْإِصْباحِ خبر آخر لان. والإصباح بكسر الالف مصدر بمعنى الدخول فى ضوء النهار سمى به الصبح اى فالق عمود الفجر عن بياض النهار وأسفاره وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً يسكن اليه التعب بالنهار لاستراحته من سكن اليه إذا اطمأن اليه استئناسا به او سكن فيه الخلق من قوله تعالى لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ اى وجعلهما حُسْباناً اى على أدوار مختلفة يحسب بها الأوقات فانه تعالى قدر حركه الشمس بمقدار من السرعة والبطيء بحيث تتم دورتها فى سنة وقدر حركة القمر بحيث تتم الدورة فى شهر وبهذا التقدير تنتظم المصالح المتعلقة بالفصول الاربعة كنضج الثمار وامور الحرث والنسل ونحو ذلك مما يتوقف عليه قوام العالم وباختلاف منازل القمر وتجدد الاهلة فى كل شهر يعلم آجال الديون ومواقيت الأشياء فمعنى جعل الشمس والقمر حسبانا جعلهما علمى حساب. فالحسبان بالضم مصدر بمعنى الحساب والعد وبابه نصر. واما الحسبان بكسر الحاء فهو من باب علم ومعناه الظن والتخمين وتقدم الشمس لضيائها على القمر لانها معدن الأنوار الفلكية من البدور والنجوم وأصلها فى النورانية وان أنوارهم مقتبسة من نور الشمس على قدر تقابلهم وصفوة اجرامهم قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره نور القمر ليس من نفسه وانما هو من عالم الأنوار فهو ليس بناقص فى ذاته وانما ذلك بسبب عروض الكشافة بالتدريج ولولا ذلك لم تعرف الشهور والسنون والشمس والقمر عينا هذا التعين وظاهرهما الى الفوق والذي نراه جانبهما الداخل فهو تارة يفتح عينيه واخرى يغمض كما انا نفعل كذلك والكواكب ليست مركوزة فيه وانما هى بانعكاس الأنوار فى بعض عروقه اللطيفة والذي يرى كسقوط النجم فكدفع الشمس من موضع الى موضع وهذا لا يطلع عليه الحكماء وانما يعرفه اهل السلوك ثم قال الليل والنهار فى عالم الآخرة ليسا بالظلمة والضياء بل لهما علامة اخرى بتجلى من التجليات فيعرفون به الليل والنهار وكيف يكون الليل هنا بالظلمة وقد قال عليه السلام (لو خرج ورق من أوراقها الى الدنيا لاضاء العالم) انتهى كلامه ذلِكَ اشارة الى جعلهما حسبانا اى ذلك التسيير البديع بالحساب المعلوم تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الذي قهرهما وسيرهما على الوجه المخصوص الْعَلِيمِ بما فيهما من المنافع والمصالح المتعلقة بمعاش الخلق ومعادهم: قال السعدي

ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند ... تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى

همه از بهر تو سر كشته وفرمان بردار ... شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى

وَهُوَ الَّذِي [واوست خداونديكه بقدرت كامله] جَعَلَ لَكُمُ اى انشأ لاجلكم وأبدع النُّجُومَ التي تختلف مواضعها من جهة الشمال والجنوب والصبا والدبور

<<  <  ج: ص:  >  >>