للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبيثة بعضها الى بعض فيلقيها فى جهنم ويعذب أربابها كقوله تعالى يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ- وروى- ان أبا سفيان استأجر ليوم أحد ألفين من العرب على محاربة الرسول صلى الله عليه وسلم سوى من استجاش من العرب اى صار جيشا وأنفق عليهم أربعين اوقية والاوقية اثنان وأربعون مثقالا وفى القاموس سبعة مثاقيل فانظر الى الكفار وجسارتهم على الانفاق لغرض فاسد وهو الصد عن سبيل الله واقل من القليل من المسلمين من يبذل ماله ولو قليلا لجذب القلوب والوصول الى رضى المحبوب فلا بد للمرء من قطع النفس عن مألوفها وهو حب المال ومن كلمات الجنيد قدس سره ما أخذنا التصوف عن القال والقيل لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات وعن ابى سعيد الخدري قال قال رجل يا رسول الله أي الناس أفضل قال مؤمن يجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله قال ثم من قال رجل معتزل فى شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره وفيه دليل على فضل العزلة وهى مستحبة عند فساد الزمان وتغير الاخوان وتقلب الأحوال ووقوع الفتن وتراكم المحن كما فعله جماعة من الصحابة رضى الله عنهم وقد كان النبي عليه السلام عند تقلب الأحوال واختلاف الرجال وكثرة القيل والقال يأمر بالاعتزال وملازمة البيوت وكسر السيوف واتخاذها من العراجين والخشب قال الامام الغزالي ان السلف الصالح اجمعوا على التحذير من زمانهم واهله وآثروا العزلة وأمروا بذلك وتواصوا بها ولا شك انهم كانوا بصدد النصح وان الزمان لم يصر بعدهم خيرا مما كان بل أدهى وامر: قال الحافظ

تو عمر خواه وصبورى كه چرخ شعبد باز ... هزار بازي ازين طرفه تر بر انگيزد

ان دام هذا ولم يحدث له غير ... لم يبك ميت ولم يفرح بمولود

اللهم اجعلنا من الصابرين قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا اللام للتعليل اى لاجلهم والمراد ابو سفيان وأصحابه إِنْ يَنْتَهُوا عن معاداة الرسول بالدخول فى الإسلام يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ من ذنوبهم قبل الإسلام وَإِنْ يَعُودُوا الى قتاله انتقمنا منهم وأهلكناهم فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ الذين تجزبوا على الأنبياء بالتدمير كما جرى على اهل بدر فليتوقعوا مثل ذلك وانشد بعضهم

يستوجب العفو الفتى إذا اعترف ... ثم انتهى عما أتاه واقترف

لقوله قل للذين كفروا ... ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف

وَقاتِلُوهُمْ [وكار زار كنيد اى مؤمنان باهل كفر] حَتَّى الى ان لا تَكُونَ توجد منهم فِتْنَةٌ اى شرك يعنى [مشرك نماند از وثنى واهل كتاب] وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وتضمحل الأديان الباطلة اما باهلاك أهلها جميعا او برجوعهم عنها خشية القتل فَإِنِ انْتَهَوْا عن الكفر فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامهم وَإِنْ تَوَلَّوْا اى اعرضوا عن قبول الحق فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ ناصركم فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم نِعْمَ الْمَوْلى لا يضيع من تولاه وَنِعْمَ النَّصِيرُ لا يغلب من نصره وفى الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>