هو الذي إذا ذكرت عنده النار قال آه وقيل معناه الموقر بلغة الحبشة الا ان من قال لا يجوز ان يكون فى القرآن شىء غير عربى قال هذا موافق للعربية بلغة الحبشة والملائم انه كناية عن كمال الرأفة ورقة القلب لانه ذكر فى معرض التعليل لاستغفاره لابيه المشرك. والمعنى انه مترحم متعطف ولفرط رحمته ورأفته كان يتعطف لابيه الكافر حَلِيمٌ صبور على الاذية ولذلك كان يحلم على أبيه ويتحمل أذاه ويستغفر له مع صعوبة خلقه وغلظ قلبه وقوله لارجمنك ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما استغفر لعمه وهو مشرك كما استغفر ابراهيم عليه السلام لابيه المشرك ثم نهى عن الاستغفار للكافر نزلت هذه الآية لبيان عذر من استغفر لاسلافه المشركين قبل المنع عنه وهو قوله تعالى وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً اى ليس من عادته ان يصفهم بالضلال عن طريق الحق ويجرى عليهم أحكامه بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ للاسلام حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ بالوحى صريحا او دلالة ما يَتَّقُونَ اى يجب اتقاؤه من محظورات الدين فلا ينزجروا عما نهوا عنه واما قبل ذلك فلا يسمى ما صدر عنهم ضلالا ولا يؤاخذون به. وفيه دليل على ان العاقل غير مكلف بما لا يستبد بمعرفته العقل إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ اى انه تعالى عليم بجميع الأشياء التي من جملتها حاجتهم الى بيان قبح ما لا يستقل العقل معرفته فبين لهم ذلك كما فعل هاهنا إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من غير شريك له فيه: قال جلال الدين الرومي قدس سره
واحد اندر ملك واو را يار نى ... بندگانش را جز او سالار نى
يُحْيِي وَيُمِيتُ اى يحيى الأموات ويميت الاحياء اى يوجد الحياة والموت فى الأرض والأجساد وقلوب الأمم وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين ولايته ونصرته مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ لما منعهم من الاستغفار للمشركين وان كانوا اولى قربى وضمن ذلك التبري منهم رأسا بين لهم ان الله مالك كل موجود ومتولى امره والغالب عليه ولا يتأنى لهم ولاية ولا نصرة الا منه تعالى ليتوجهوا اليه بشراشرهم ويتبرأوا مما عداه حتى لا يبقى لهم مقصود فيما يأتون ويذرون سواه بقي هاهنا ان الجم الغفير من العلماء ذهبوا الى ان النبي عليه السلام مر على عقبة الحجون فى حجة الوداع فسأل الله ان يحيى امه فاحياها فآمنت به وردها الله تعالى اى روحها قال فى انسان العيون لا يقال على ثبوت هذا الخبر وصحته التي صرح بها غير واحد من الحفاظ ولم يلتفتوا الى من طعن فيه كيف ينقع الايمان بعد الموت ولا يعترض لانا نقول هذا من جملة خصوصياته صلى الله عليه وسلم وفى كلام القرطبي قد احيى الله تعالى على يده جماعة من الموتى فاذا ثبت ذلك فما يمنع ايمان أبويه بعد احبائهما ويكون زيادة فى كرامته وفضيلته ولو لم يكن احياء أبويه نافعا لايمانهما وتصديقهما لما احييا كما ان رد الشمس لو لم يكن نافعا فى بقاء الوقت لم ترد والله اعلم انتهى يقول الفقير قد أشبعنا الكلام فى ايمان أبوي النبي عليه السلام وكذا ايمان عمه ابى طالب وجده عبد المطلب بعد الاحياء فى سورة البقرة عند قوله تعالى وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ فارجع اليه. وجاء ابن عبد المطلب رفض فى آخر عمره عبادة الأصنام ووحد الله وتؤثر عنه سنين جاء القرآن باكثرها وجاءت السنة بها منها الوفاء بالنذر والمنع