للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزحمة والمحنة وذلك من جمله ما كان النبي عليه السلام محميا به إذ كان يقول (انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم سبعين مرة) وذلك غابة اللطف والرحمة والحجاب ما يكون محجوبا به عن الحق تعالى وذلك من غاية القهر والعز كما قال فى المقهورين (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) والجبل لم يستقر مكانه عند سطوة تجلى صفة الربوبية وجعله دكا وخر موسى مع قوة نبوته صعقا وذلك التجلي فى اقل مقدار طرفة عين فلو دام كيف يعيش الإنسان الضعيف وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ منصوب باذكر اى واذكر يا محمد يوم ينادى الله المشركين فَيَقُولُ توبيخا لهم أَيْنَ [كجااند] شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ انهم لى شركاء وهو تقريع بعد تقريع للاشعار بانه لا شىء اجلب لغضب الله من الإشراك كما لا شىء ادخل فى مرضاة الله من توحيده وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس من كبده وعطف على يناديهم وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق ولا التفات لابراز كمال الاعتناء بشأن النزع اى أخرجنا من كل امة من الأمم شَهِيداً بالفارسية [كواه] وهو نبيهم يشهد عليهم بما كانوا عليه من الخير والشر وقال بعضهم يشهد عليهم وعلى من بعدهم كما جاء فى الحديث ان اعمال الامة تعرض على النبي عليه السلام ليلة الاثنين والخميس وقال بعضهم عنى بالشهيد العدول من كل امة وذلك انه سبحانه لم يخل عصرا من الاعصار عن عدول يرجع إليهم فى امر الدين ويكونون حجة على الناس يدعونهم الى الدين فيشهدون على الناس بما عملوا من العصيان فَقُلْنا لكل من الأمم هاتُوا [بياريد] وأصله آتوا وقد سبق بُرْهانَكُمْ على صحة ما كنتم تدعون من الشريك فَعَلِمُوا يومئذ أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ فى الالهية لا يشاركه فيها أحد وَضَلَّ عَنْهُمْ اى غاب غيبة الضائع وَما كانُوا يَفْتَرُونَ فى الدنيا من الباطل وهو الوهية الأصنام واعلم ان الشريك لا ينحصر فى عبادة الأصنام الظاهرة بل الانداد ظاهرة وباطنة. فمنهم من صنمه نفسه. ومنهم من صنمه زوجته حيث يحبها محبة الله ويطيعها إطاعة الله ومنهم من صنمه تجارته فيتكل عليها ويترك طاعة الله لاجلها فهذه كلها لا تنفع يوم القيامة- حكى- ان مالك بن دينار رحمه الله كان إذا قرأ فى الصلاة إياك نعبد وإياك نستعين غشى عليه فسئل فقال نقول إياك نعبد ونعبد أنفسنا اى نطيعها فى أمرها ونقول إياك نستعين ونرجع الى أبواب غيره- روى- ان زكريا عليه السلام لما هرب من اليهود بعد ان قتل يحيى عليه السلام وتوابعه تمثل له الشيطان فى صورة الراعي وأشار اليه بدخول الشجرة فقال زكريا للشجرة اكتمينى فانشقت فدخل فيها واخرج الشيطان هدب ردائه ثم اخبر به اليهود فشقوا الشجرة بالمنشار فهذا الشق انما وقع له لا لتجائه الى الشجرة والشرك أقبح جميع السيئات كما ان التوحيد احسن الحسنات وقد ورد ان الملائكة المقربين تنزل لشرف الذكر كما روى ان يوسف عليه السلام لما القى فى الجب ذكر الله تعالى بأسمائه الحسنى فسمعه جبريل فقال يا رب اسمع صوتا حسنا فى الجب فامهلنى ساعة فقال الله تعالى ألستم قلتم أتجعل فيها من يفسد فيها وكذلك إذا اجتمع المؤمنون على ذكر الله مراعين لآدابه الظاهرة والباطنة تقول الملائكة الهنا أمهلنا نستأنس بهم فيقول الله تعالى ألستم قلتم أتجعل فيها من يفسد فيها فالآن تتمنون الاستئناس

<<  <  ج: ص:  >  >>