للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما وقى الرجل به عرضه كتب له به صدقة) ومعنى كل معروف صدقة ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل بر من الأموال والأقوال والافعال والعلوم والمعارف وانفاق الواصلين الى التوحيد الحقانى والمعرفة الذاتية أفضل واشرف لان نفع الأموال للاجساد ونفع المعارف للقلوب والأرواح ومعنى ما وقى به عرضه ما اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى وفى الحديث (ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة) وفى الحديث (ينادى مناد كل ليلة لا دواء للموت وينادى آخر ابنوا للخراب وينادى مناد هب للمنفق خلفا وينادى مناد هب للممسك تلفا) : قال الحافظ

احوال كنج قارون كايام داد بر باد ... با غنچهـ باز كوييد تا زر نهان ندارد

وفى المثنوى

آن درم دادن سخى را لايقست ... جان سپردن خود سخاى عاشقست «١»

نان دهى از بهر حق نانت دهند ... جان دهى از بهر حق جانت دهند

هر كه كارد كردد انبارش تهى ... ليكش اندر مزرعه باشد بهى

وانكه در أنبار ماند وصرفه كرد ... اشپش وموش وحوادثهاش خورد

جمله در بازار زان كشتند بند ... تا چهـ سود افتاد مال خود دهند «٢»

وفى الحديث (يؤجر ابن آدم فى نفقته كلها إلا شيئا وضعه فى الماء والطين) قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى فى شرح هذا الحديث اعلم ان صور الأعمال اعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وان كان من حيث الصيغة مطلقا فالاحوال والقرائن تخصصه وذلك ان بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر الباني لها عليها بلا خلاف فالمراد بالمذكور هنا انما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه الا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فمطمح همة الباني ومقصده لا يتجاوز هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة فى الآخرة لانه لم يقصد بما فعله امرا وراء هذه الدار فافعاله اعراض زائلة لا موجب لتعديها من هنا الى الآخرة فلا اثمار لها فلا اجر انتهى اعلم ان العلماء تكلموا فى الانفاق والظاهر انه بحسب طبقات الناس. فمنهم من ينفق جميع ما ملكه توكلا على الله تعالى كما فعله الصديق لقوة يقينه. ومنهم من ينفق بعضه ويمسك بعضه لا للتنعم بل للانفاق وقت الحاجة. ومنهم من يقتصر على أداء الواجب قال الغزالي رحمه الله الاكتفاء بمجرد الواجب حد البخلاء فلا بد من زيادة عليه لو شئت يسيرا فبين هذه الطبقات تفاوت فى الدرجات وقد أسلفنا الكلام على الانفاق فى اواخر سورة الفرقان فارجع اليه واعتمد عليه جعلنا الله وإياكم من اهل البذل والإحسان بلا إمساك وادّخار واخلف خيرا مما أنفقنا فان خزائنه لا تفنى وبحر جوده زخار وهو المعطى المفيض كل ليل ونهار وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ اى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر الله اى يجمع المستكبرين والمستضعفين وما كانوا يعبدون من دون الله حال كونهم جَمِيعاً مجتمعين لا يشد أحد منهم وقال بعضهم هؤلاء المحشورون بنوا مليح من خزاعة كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون انهم بنات الله


(١) در اواسط دفتر يكم در بيان قربانى كردن سروان عرب باميد قبول افتادن
(٢) در اواخر دفتر سوم در بيان جواب كفتن مهمان ايشانرا ومثل آوردن بدفع حارس إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>