فى اقامة التعزير بالبادى ذلِكَ النصر هو مبتدأ خبره قوله بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ اى بسبب ان القادر على ما يشاء من التغليب وغيره من آيات قدرته البالغة الدالة على التغليب انه يحصل ظلمة الليل فى مكان ضياء النهار بتعييب الشمس وضياء النهار فى مكان ظلمة الليل باطلاعها وجعلها طالعة او يزيد فى أحد الملوين ما ينقص من الآخر من الساعات قال الراغب الولوج الدخول فى مضيق قال تعالى (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) وقوله (يُولِجُ اللَّيْلَ) إلخ تنبيه على ركب الله عليه العالم من زيادة الليل فى النهار وزيادة النهار فى الليل وذلك بحسب مطالع الشمس ومغاربها وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يسمع قول المعاقب والمعاقب بَصِيرٌ يرى افعالهما فلا يهملهما ذلِكَ الوصف بكمال العلم والقدرة بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ فى الالوهية وَأَنَّ ما يَدْعُونَ يعبدون مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ الهية وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ على جميع الأشياء الْكَبِيرُ عن ان يكون له شريك لا شىء أعلى منه شأنا واكبر سلطانا وفى التأويلات النجمية أعلى من ما يجده الطالبون بداية والعظيم الذي لا يدرك الواصلون نهايته وفى بحر العلوم هو العلى شأنه اى امره وجلاله فى ذاته وأفعاله لا شىء أعلى منه شأنا لانه فوق الكل بالاضافة وبحسب الوجوب وهو فعيل من العلو فى مقابلة السفل وهما فى الأمور المحسوسة كالعرش والكرسي مثلا وفى الأمور المعقولة كما بين النبي وأمته وبين الخليفة والسلطان والعالم والمتعلم من التفاوت فى الفضل والشرف والكمال والرفعة ولما تقدس الحق سبحانه عن الجسمية تقدس علوه عن ان يكون بالمعنى الاول وهو الأمور المحسوسة فتعين واختص بالثاني قال الامام الغزالي رحمه الله العبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه الصلاة والسلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لانه علو بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر انه علو بالاضافة الى الوجود لا بطريق الوجوب بل يقارنه إمكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذي له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذي يقارنه إمكان نقيضه والكبير هو ذو الكبرياء عبارة عن كمال الذات المعنى به كمال الوجود وكمال الوجود بشيئين أحدهما ان يصدر عنه كل موجود والثاني ان يدوم إذ كل وجود مقطوع بعدم سابق او لاحق فهو ناقص ولذلك يقال للانسان إذا طالت مدة وجوده انه كبير اى كبير السن طويل مدة البقاء ولا يقال عظيم السن فالكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم والكبير من العباد هو الكامل الذي لا تقتصر عليه صفات كماله بل تسرى الى غيره ولا يجالسه أحد الا ويفيض عليه من كماله شىء وكمال العبد فى عقله وورعه وعلمه فالكبير هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء وقيل لعيسى عليه السلام يا روح الله من نجالس فقال من يزيد فى علمكم منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله وفى الآية اشارة الى ان ما سوى الله باطل اى غير موجود بوجود