والآخر جبر وكانا صيقلين [يعنى شمشيرها را صيقل زدندى] فكانا يقرآن كتابا لهم بلسانهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بهما ويسمع قراءتهما فكان المشركون يقولون يتعلم منهما فانزل الله تعالى هذه الآية وأكذبهم فالمراد بالبشر ذانك الغلامان لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ مبتدأ وخبر وكذا ما بعده لابطال طعنهم. والإلحاد الامالة من ألحد القبر إذا مال حفره عن الاستقامة فحفر فى شق منه ثم استعير لكل امالة عن الاستقامة فقالوا ألحد فلان فى قوله وألحد فى دينه ومنه الملحد لانه امال مذهبه عن الأديان كلها ولم يمله عن دين الى دين والأعجمي هو الذي لا يفصح وان كان عربيا والعجمي المنسوب الى العجم وان كان فصيحا. والمعنى لغة الرجل الذي يميلون اليه القول عن الاستقامة ويشيرون اليه انه يعلم محمدا أعجمية غير بينة وَهذا القرآن الكريم لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ذو بيان وفصاحة فكيف يصدر عن أعجم. يعنى ان القرآن معجز بنظمه كما انه معجز بمعناه لاشتماله على الاخبار عن الغيب فان زعمتم ان بشرا يعلمه معناه فكيف يعلمه هذا النظم الذي أعجز جميع اهل الدنيا وفى التأويلات النجمية الأعجمي هو الذي لا يفهم من كلام الله تعالى ما أودع الله فيه من الاسرار والإشارات والمعاني والحقائق فانه لا يحصل ذلك الا لمن رزقه الله فهما يفهم به واللسان العربي هو الذي يسره الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وبين له معانيه وحقائقه كما قال تعالى فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ وقال فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
فالعربى المبين هو الذي أعطاه الله قلبا فيهما ولسانا مبينا فافهم جدا إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ اى لا يصدقون انها من عند الله بل يقولون فيها ما يقولون يسمونها تارة افتراء واخرى أساطير معلمة من البشر لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ الى سبيل النجاة هداية موصلة الى المطلوب لما علم انهم لا يستحقون ذلك لسوء حالهم وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ [عذابى دردناك بجهت كفر ايشان بقرآن ونسبت افتراء بحضرت پيغمبر صلى الله عليه وسلم وحال آنكه مفترى ايشانند] إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ التصريح بالكذب للمبالغة فى بيان قبحه والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه وفاعل يفترى هو قوله الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ رد لقولهم انما أنت مفتر يعنى انما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن لانه لا يترقب عقابا عليه ليرتدع عنه واما من يؤمن بها ويخاف ما نطقت به من العقاب فلا يمكن ان يصدر عنه افتراء البتة قال فى التأويلات النجمية وجه الاستدلال ان الافتراء من صفات النفس الامارة بالسوء وهى نفس الكافر الذي لا يؤمن بآيات الله فان نفس المؤمن مأمورة لوامة ملهمة من عند الله مطمئنة بذكر الله ناظرة بنور الله مؤمنة بآيات الله لان الآيات لا ترى الا بنور الله كما قال صلى الله عليه وسلم (المؤمن ينظر بنور الله) فاذا كان من شأن المؤمن ان لا يفترى الكذب إذ هو ينظر بنور الله فكيف يكون من شأن رسول الله ان يفترى الكذب وهو نور من الله ينظر بالله وَأُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من عدم الايمان بآيات الله هُمُ الْكاذِبُونَ على الحقيقة لا على الزعم بخلاف رسول الله صلى الله