وسلم وقال (ان الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن وان الله ليشدد قلوب الرجال حتى تكون أشد من الحجارة وان مثلك يا أبا بكر مثل ابراهيم قال فمن تبعني فانه منى ومن عصانى فانك غفور رحيم ومثلك يا عمر مثل نوح قال لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) فخير أصحابه بان قال لهم (ان شئتم قتلتموهم وان شئتم اطلقتموهم) بان تأخذوا من كل أسير عشرين اوقية والأوقية أربعون درهما فى الدراهم وستة دنانير فى الدنانير (الا ان يستشهد منكم بعدتهم) فقالوا بل نأخذ الفداء ويدخل منا الجنة سبعون وفى لفظ ويستشهد منا عدتهم فاستشهدوا يوم أحد بسبب قولهم هذا وأخذهم الفداء فنزلت الآية فى فداء أسارى بدر فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا هو وابو بكر يبكيان فقال يا رسول الله أخبرني فان أجد بكاء بكيت وإلا تباكيت فقال (ابكى على أصحابك فى أخذهم الفداء ولقد عرض علىّ عذابهم ادنى من هذه الشجرة) لشجرة قريبة منه قال فى السيرة الحلبية اسرى بدر منهم من فدى ومنهم من خلى سبيله من غير فداء وهو ابو العاص ووهب بن عمير ومنهم من مات ومنهم من قتل وهو النضر بن الحارث وعقبة بن ابى معط حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ يكثر القتل ويبالغ فيه حتى يذل الكفر ويقل حزبه ويعز الإسلام ويستولى اهله وحتى لانتهاء الغاية فدل الكلام على ان له ان يقدم على الاسر والشد بعد حصول الإثخان وهو مشتق من الثخانة وهى الغلظة والكثافة فى الأجسام ثم استعير فى كثرة القتل والمبالغة فيه لان الامام إذا بالغ فى القتل يكون العدو كشىء ثقيل يثبت فى مكانه ولا يقدر على الحركة يقال أثخنه المرض إذا أضعفه وأثقله وسلب اقتداره على الحركة تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا استئناف مسوق للعتاب اى تريدون حطامها بأخذكم الفداء وسمى المال عرضا لقلة لبثه فمنافع الدنيا وما يتعلق بها لا ثبات لها ولا دوام فصارت كأنها تعرض ثم تزول والخطاب لهم لا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واجلة أصحابه فان مراد ابى بكر كان إعزاز الدين وهداية أسارى وفيه اشارة الى ان أخذ الفداء من أسارى المشركين ما كان شيمة للنبى عليه السلام ولا لسائر الأنبياء فانه رغبة فى الدنيا ومن شيمة النبي عليه السلام انه قال (مالى وللدنيا)
كين جهان جيفه است ومردار ورخيص ... بر چنين مردار چون باشم حريص
وانما رغب فيها بعضهم بعد ان شاورهم بامر الله تعالى إذا مره بقوله وشاورهم فى الأمر وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ يريد لكم ثواب الآخرة الذي لا مقدار عنده للدنيا وما فيها قال سعدى چلبى المفتى لعل المراد والله اعلم والله يرضى فاطلق الارادة على الرضى على سبيل المشاكلة فلا يرد ان الآية تدل على عدم وقوع مراد الله تعالى خلاف مذهب اهل السنة وَاللَّهُ عَزِيزٌ يغلب أولياؤه على أعدائه حَكِيمٌ يعلم بما يليق بكل حال ويخصها به كما امر بالاثخان ومنع عن الافتداء حين كانت الشوكة للمشركين وخير بينه وبين المنّ بقوله تعالى فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً لما تحولت الحال وصار الغلبة للمؤمنين قال بعضهم دلت الآية على ان الأنبياء مجتهدون لان العتاب الذي فيها لا يكون فيما صدر عن وحي ولا فيما كان صوابا وانه قد يكون خطأ ولكن لا يتركون عليه بل ينبهون على الصواب لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ