للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرفت ما فعلوا من التكذيب وما فعل بهم من التعذيب فذكر قومك بشؤون الله وأنذرهم أن يصيبهم مثل ما أصاب أمثالهم وقد كانوا سمعوا قصة فرعون وجنوده قوم موسى عليه السلام ورأوا آثار هلاك ثمود قوم صالح عليه السلام لانها كانت فى ممرهم وفى بلادهم وأخر ثمود مع تقدمه على فرعون زمانا لرعاية الفواصل قال القاشاني هل أتاك حديث المحجوبين اما بالانانية كفرعون ومن يدين بدينه او بالآثار والأغيار كثمود ومن يتصل بهم بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا من قومك فِي تَكْذِيبٍ إضراب عن مماثلتهم لهم وبيان لكونهم أشد منهم فى الكفر والطغيان وتنكير تكذيب للتعظيم كأنه قيل ليسوا مثلهم فى ذلك بل هم أشد منهم فى استحقاق العذاب واستيجاب العقاب فانهم مستقرون فى تكذيب شديد للقرءآن الناطق بذلك لكن لا انهم يكذبون بوقوع الحادثة بل يكذبون كون ما نطق به قرءانا من عند الله مع وضوح أمره وظهور حاله بالبينات الباهرة وفى التأويلات النجمية فى تكذيب لاشمال خلقهم وجبلتهم على صفة الكذب والتكذيب وأمن جبل على صفة لا يقدر على مفارقتها الا القليل من الكمل كما قال تعالى فمن لم يجعل الله له نورا اى فى الاستعداد فماله من نور.

خوى بد در طبيعتى كه نشست ... نرهد جز بوقت مرك از دست

وفيه اشارة الى تكذيب المنكرين لاهل الحق ووقوفهم مع حالهم واحتجابهم عن حال من فوقهم وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ من خلفهم مُحِيطٌ بهم بالقدرة وهو تمثيل العدم نجاتهم من بأس الله بعدم فوت المحاط المحيط إذا سد عليه مسلكه بحيث لا يجد هربا منه وفى التأويلات النجمية محيط والمحيط لا يفوته المحاط ولا يفوت المحيط شىء لا حاطة الله سبحانه عند العارفين بالكافرين بل الموجودات كلها عبارة عن تجليه بصور الموجودات فهو سبحانه بأحدية جميع أسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة علما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد بإحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فى السموات والأرض وكل ما يعزب عنه يلتحق بالعدم وقالوا هذه الإحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكل بأجزائه ولا كاحاطة الكلى بجزئياته بلى كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته المطلقة انما هى لوازم له بواسطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها والله أعلم بالحقائق بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ اى ليس الأمر كما قالوا بل هذا الذي كذبوا به قرآن شريف عالى الطبقة فيما بين الكتب الالهية فى النظم والمعنى متضمن للمكارم الدنيوية والاخروية فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ اى من التحريف ووصول الشياطين اليه واللوح كل صحيفة عريضة خشبا او عظما كما فى القاموس قال الراغب اللوح واحد ألواح السفينة وما يكتب فيه من الخشب ونحوه والمراد به هنا ما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء دفناه ياقوتة حمراء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب ينظر الله فيه كل يوم ثلاثمائة وستين مرة يحيى ويميت ويعز

<<  <  ج: ص:  >  >>