تهيست سبحه زاهد ز كوهر اخلاص ... هزار بار من آنرا شمرده ام يك يك
ودلت الآية على ان ما هو مكروه عند الإنسان لا يلزم ان يكون مكروها عند الرحمن والله تعالى لا يحمل العباد الا على نعيم الابد وقد علم الحق تعالى قلة نهوض العباد الى معاملته التي لا مصلحة لهم فى الدارين الا بها فاوجب عليهم وجود طاعته ورتب عليها وجود ثوابه وعقوبته فساقهم إليها بسلاسل الإيجاب إذ ليس عندهم من المروءة ما يردهم اليه بلا علة هذا حال اكثر الخلق بخلاف اهل المروءة والصفا وذوى المحبة والوفا الذين لم يزدهم التكليف الا شرفا فى أفعالهم وزيادة فى نوالهم ولو لم يكن وجوب لقاموا للحق بحق العبودية ورعوا ما يجب ان يراعى من حرمة الربوبية حتى ان منهم من يطلب لدخول الجنة فيأبى ذلك طلبا للقيام بالخدمة فتوضع فى أعناقهم السلاسل من الذهب فيدخلون بها الجنة قيل ولهذا يشير عليه السلام بقوله (عجب ربكم من قوم يقادون الى الجنة بالسلاسل) وفى الحديث اشارة ايضا الى ان بعض الكراهة قد يؤول الى المحبة ألا ترى الى احوال بعض الأسارى فانهم يدخلون دار الإسلام كرها ثم يهديهم الله تعالى فيؤمنون طوعا فيساقون الى الجنة بالسلاسل فالعبرة فى كل شىء للخاتمة فال بعضهم من طالع الثواب والعقاب فاسلم رغبة ورهبة فهو انما اسلم كرها ومن طالع المثيب والمعاقب لا الثواب والعقاب فاسلم معرفة ومحبة فهو انما اسلم طوعا وهو الذي يعتد به عند اهل الله تعالى فعلى العاقل ان يتدبر القرآن فيخلص الايمان ويصل الى العرفان والإيقان بل الى المشاهدة والعيان والله تعالى أرسل رسوله بالحق فماذا بعد الحق الا الضلال وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ الذي كرهوه ومن جملته ما جاء به عليه السلام من القرآن أَهْواءَهُمْ مشتهيات الكفرة بان جاء القرآن موافقا لمرادتهم فجعل موافقته اتباعا على التوسع والمجاز لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ من الملائكة والانس والجن وخرجت عن الصلاح والانتظام بالكلية لان مناط النظام وما به قوام العالم ليس الا الحق الذي من جملته الإسلام والتوحيد والعدل ونحو ذلك قال بعضهم لولا ان الله امر بمخالفة النفوس ومباينتها لاتبع الخلق أهواءهم وشهواتهم ولو فعلوا ذلك لضلوا عن طريق العبودية وتركوا او امر الله تعالى واعرضوا عن طاعته ولزموا مخالفته والهوى يهوى بمتابعيه الى الهاوية بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ انتقال من تشنيعهم بكراهة الحق الذي يقوم به العالم الى تشنيعهم بالاعراض عما جبل عليه كل نفس من الرغبة فيما فيه خيرها والمراد بالذكر القرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم فى الدنيا والآخرة كما قال تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) اى شرف لك ولقومك والمعنى بل اتيناهم بفخرهم وشرفهم الذي يجب عليهم ان يقبلوا عليه أكمل اقبال وفى التأويلات النجمية (بَلْ أَتَيْناهُمْ) بما فيه لهم صلاح فى الحال وذكر فى المال فَهُمْ بسوء اختيارهم عَنْ ذِكْرِهِمْ عن صلاح حالهم وشرف مآلهم وفى الإرشاد اى فخرهم وشرفهم خاصة مُعْرِضُونَ لا عن غير ذلك مما لا يوجب الإقبال عليه والاعتناء به أَمْ تَسْأَلُهُمْ انتقال من توبيخهم بما ذكر من قولهم أم يقولون به جنة